أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، في تصريحاته الأخيرة (13 أغسطس 2025) أن الأراضي المطلة على كورنيش النيل تُعد من أغلى الأصول العقارية في مصر، مشيرًا إلى أن قيمتها قد تصل إلى عشرات المليارات من الجنيهات إذا أُعيد استغلالها بالشكل الأمثل.
وشدد مدبولي على أن استخدام بعضها حاليًا كمخازن أو جراجات للنقل العام “إهدار غير مقبول”، كاشفًا عن خطة حكومية لإجراء حصر شامل وتقييم لهذه الأراضي تمهيدًا لطرحها كفرص استثمارية بالشراكة مع القطاع الخاص.
الأرض… الثروة المهدرة
تمتلك الدولة المصرية أراضي ذات أهمية استثنائية تقع على ضفاف النيل في مناطق متعددة من القاهرة الكبرى، منها: الساحل، روض الفرج، بولاق أبو العلا، غرب القاهرة، دار السلام، المعصرة، حلوان والتبين. غير أن بعضها يُستخدم بطرق لا تتناسب مع موقعه الاستراتيجي، مثل الاستخدام كمخازن أو جراجات للنقل العام.
يمثّل هذا الاستخدام المنخفض المستوى استنزافًا لقيمة هذه الأصول، خاصة في ظل إمكانات تحويلها لمناطق جذب استثماري وسياحي حقيقي.
أمثلة حقيقية على مشروعات مطبقة بالفعل
لإثبات جدوى هذه الرؤية، تشير التجربة المصرية الحديثة إلى عدة مشروعات بارزة:
-
ممشى أهل مصر: مشروع قومي تم افتتاح مرحلته الأولى على ضفاف النيل بالقاهرة، وحقق نجاحًا جماهيريًا وسياحيًا كبيرًا، حيث تحول إلى واجهة حضارية ومتنزه سياحي وثقافي يستقطب آلاف الزوار يوميًا. نجاحه كشف حجم الإمكانات الاقتصادية الكامنة في تطوير الواجهات النيلية.
-
أبراج العاصمة الإدارية على النهر الأخضر: ورغم أن النهر الأخضر ليس النيل مباشرة، إلا أن الفكرة مستوحاة من استغلال الضفاف المائية لإقامة مشروعات عمرانية كبرى، وهو ما يمكن تكراره على النيل في القاهرة والجيزة.
-
فنادق وكورنيش أسوان والأقصر: حيث نجحت هذه المناطق في تحويل الواجهات النيلية إلى قوة جذب سياحي عالمي، وهو نموذج يمكن أن يُعمم في العاصمة والمدن الكبرى.
المالية تطرح أذون خزانة بـ55 مليار جنيه غدًا لسد عجز الموازنة
المناطق المستهدفة
وفق ما أُعلن رسميًا، تشمل خطة الحصر وإعادة الاستثمار أراضي مطلة على النيل في:
-
شمال القاهرة: مناطق الساحل وروض الفرج ذات الامتداد النهري الواسع.
-
وسط العاصمة: بولاق أبو العلا وغرب القاهرة، حيث توجد مساحات تستخدم كمخازن أو أراضٍ فضاء.
-
جنوب القاهرة: دار السلام والمعصرة وحلوان والتبين، وهي مناطق تضم مساحات كبيرة لم تُستغل تجاريًا أو سياحيًا بعد.
هذا التنوع الجغرافي يمنح الدولة فرصة لتطوير مشروعات متوازنة بين سكني فاخر، سياحي، إداري، وخدمات عامة، بما يحقق عوائد اقتصادية ويوفر متنفسًا حضاريًا للمواطنين.
الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية
-
عوائد اقتصادية مباشرة: من خلال بيع أو تأجير هذه الأراضي أو الشراكة مع مستثمرين محليين وأجانب.
-
تنشيط السياحة: إقامة فنادق ومطاعم ومراسي يخوت، بما يعزز صورة القاهرة كمقصد عالمي.
-
خلق فرص عمل: آلاف الوظائف المباشرة وغير المباشرة في الإنشاءات، السياحة، والخدمات.
-
تحسين جودة الحياة: عبر تحويل الكورنيش إلى متنزهات عامة ومساحات خضراء مفتوحة.
التحديات والجدل
أثارت تصريحات رئيس الوزراء جدلاً في الشارع حول ما إذا كانت الخطوة تعني “بيع أصول الدولة”، إلا أن مدبولي أكد أن الهدف ليس التفريط، بل تعظيم الاستفادة من الأصول العامة، من خلال آليات شراكة تحفظ ملكية الدولة وتزيد عوائدها.
قيمة اقتصادية وحضارية
إن نجاح مشروعات مثل ممشى أهل مصر يقدم الدليل العملي على أن استغلال الواجهات النيلية قادر على تحويلها إلى قيمة اقتصادية وحضارية بمليارات الجنيهات.
ومع إطلاق خطة الحصر والتقييم، تبدو الدولة على أعتاب حقبة جديدة من الاستثمار الذكي على ضفاف النيل، قد تغيّر وجه القاهرة الكبرى لعقود قادمة.
الرؤية الاستثمارية
من المتوقع استغلال هذه الأراضي في:
-
مشروعات سياحية وفندقية تطل مباشرة على النيل، بتصاميم تنافسية وعالمية.
-
مناطق سكنية أو إدارية راقية تلبي احتياجات التوسع الحضري وتخفف الضغط العقاري.
-
مناطق خدمية أو مرافق ترفيهية تضيف قيمة للمواطن وتدعم البنية التحتية الحضرية.
وليس الهدف من هذه الاستثمارات مجرد دخل مالي، بل خلق عدد كبير من فرص العمل، تعزيز الإيرادات الضريبية، وتحفيز عجلة التنمية الحضرية.
الفرصة الذهبية أمام الدولة
-
تمتلك مصر أصولًا حيوية بشرايين حضرية غالية الثمن.
-
إهمالها أو تأجيل تطويرها يمثل خسارة اقتصادية وتنافسية.
-
دخول خطة استثمارية مدروسة يُمكن أن يحوّلها إلى نقاط جذب للسياحة والاستثمار الحضاري.
-
شراكة ذكية مع القطاع الخاص تُعد أقصر طريق نحو قيمة مضافة مستدامة.