أثار إعلان أسعار المرحلة الثانية من مشروع كمبوند ظلال حالة من الجدل الواسع بين المواطنين وخبراء السوق العقاري، بعد أن وصلت أسعار المتر السكني في بعض المدن إلى نحو 32 ألف جنيه، ما أعاد إلى الواجهة تساؤلات حول جدوى مشروعات الإسكان الفاخر في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.
وفي الوقت الذي يرى فيه البعض أن الأسعار لا تتناسب مع دخل المواطن العادي، يؤكد آخرون أن المشروع ينتمي إلى فئة الإسكان الفاخر، وهو ما يجعل الأسعار «منطقية» ضمن هذه الشريحة، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف مواد البناء وأسعار الأراضي والمرافق خلال الفترة الأخيرة.
المشروع الذي تنفّذه وزارة الإسكان ضمن مبادرة الدولة لتطوير أنماط السكن الفاخر والمتوسط، يضم آلاف الوحدات المشطبة تشطيبًا فاخرًا في مدن مثل القاهرة الجديدة، 6 أكتوبر، الشروق، ودمياط الجديدة، بمساحات تتراوح بين 115 و160 مترًا.
تبدأ أسعار المتر في بعض المدن من نحو 26,900 جنيه، بينما ترتفع في مناطق أخرى إلى 32,600 جنيه، وفقًا لنوعية التشطيب والموقع والخدمات المقدمة.
وتشير التقديرات إلى أن إجمالي سعر الوحدة الواحدة قد يتراوح بين 3 إلى 5 ملايين جنيه.
جودة التشطيب الفاخر وتكلفة التنفيذ الفعلية
خبراء أكدوا أن الأسعار “تعكس جودة التشطيب الفاخر وتكلفة التنفيذ الفعلية”، مشيرة إلى أن المشروع يستهدف فئة محددة من المواطنين الباحثين عن سكن متكامل في بيئة راقية.
وأشاروا إلى أن المشروع يتميز بتصميمات معمارية حديثة، ومناطق خدمية متكاملة تشمل حدائق، جراجات، مصاعد، وأنظمة أمنية متطورة، إلى جانب طرق داخلية ومناطق تجارية.
خبراء السوق: السعر يعكس واقع التكلفة
ويرى خبراء عقاريون أن الارتفاع الملحوظ في أسعار المشروعات الفاخرة، مثل “ظلال” وغيرها، يرتبط مباشرة بارتفاع أسعار مواد البناء والتشطيب، إضافة إلى تكاليف الأراضي التي تضاعفت خلال العامين الماضيين.
وأكدوا أن هذه المشروعات تستهدف فئة محدودة من المستثمرين أو المغتربين، وليس بالضرورة الفئات المتوسطة، وهو ما يفسر اختلاف الرؤية بين الجهات الرسمية والجمهور.
مقارنة مع السوق
وفي الوقت الذي تتراوح فيه أسعار المتر في المشروعات الحكومية الفاخرة بين 27 و32 ألف جنيه، يصل المتر في بعض الكمبوندات الخاصة بالقاهرة الجديدة إلى 40 و50 ألف جنيه، ما يجعل “ظلال” من الناحية الفنية ضمن الفئة المتوسطة العليا للسكن الفاخر، لكنها تظل مرتفعة بالنسبة للطبقة المتوسطة.
الأسباب الحقيقية وراء الجدل
يرى عدد من المراقبين أن الجدل الدائر لا يعود فقط إلى الأسعار نفسها، بل إلى التوقعات المسبقة لدى المواطنين، يقول أحمد الألفي أحد المهتمين بقطاع الإسكان:
“الجدل اللي حاصل حوالين أسعار شقق كمبوند ظلال أو أي مشروع إسكان فاخر سببه بالأساس التوقعات المختلفة عند الناس. هقولك ليه الناس متضايقة أو مخضوضة من الأسعار رغم إن الموضوع في مجمله طبيعي.”
ويوضح أن أسباب الجدل يمكن تلخيصها في أربعة محاور رئيسية:
اختلاف الشرائح المستهدفة
وزارة الإسكان باتت تعمل وفق نظام متدرج يستهدف شرائح مختلفة من المجتمع، بداية من الإسكان الاجتماعي للشباب ومحدودي الدخل، مرورًا بـ الإسكان المتوسط وفوق المتوسط، وصولًا إلى الإسكان الفاخر مثل مشروعي «ظلال» و«تاج سيتي».
وبالتالي، من الطبيعي أن تكون أسعار هذه المشروعات مرتفعة جدًا مقارنة بالمشروعات الأخرى الموجهة للطبقات المتوسطة أو محدودة الدخل.
صدمة التوقعات
الكثير من المواطنين ما زالوا يربطون بين المشروعات الحكومية والأسعار المنخفضة، حتى وإن كانت فاخرة.
لذلك، عندما يرون أرقامًا مرتفعة (تصل إلى عشرات الملايين للوحدة في بعض الحالات)، يشعرون بالصدمة أو الاستفزاز النفسي، باعتبار أن المشروع «حكومي» وليس استثماريًا بحتًا.
التصدير العقاري
تتبنى الدولة منذ فترة فكرة التصدير العقاري كأداة لجذب المستثمرين العرب والأجانب، وإدخال عملة صعبة، ورفع صورة المشروعات العقارية المصرية على المستوى الدولي.
وهذا التوجه جعل بعض المشروعات تُسعّر بأسعار قريبة من نظيراتها العالمية، وإن كانت لا تزال أقل نسبيًا منها.
المناخ الاقتصادي الحالي
ارتفاع معدلات التضخم، وزيادة سعر الدولار، وغلاء مواد البناء والأراضي، كلها عوامل أدت إلى قفزات طبيعية في الأسعار سواء في المشروعات الحكومية أو الخاصة.
الخلاصة
الذي يحدث في السوق العقاري طبيعي من منظور اقتصادي واستثماري، لكن رد فعل المواطنين طبيعي أيضًا من منظور نفسي وتوقعات اجتماعية.
فالموضوع في النهاية يتعلق بتباين الشرائح المستهدفة، واختلاف القدرة الشرائية، وليس بقرار مفاجئ أو غير مبرر من الدولة.
اقرأ أيضاً:
تفاصيل المرحلة الثانية من مشروع “ظلال” الفاخر.. ورابط كراسة الشروط
تنفيذ 494 وحدة سكنية بمشروع ديارنا بأكتوبر الجديدة
المحال التجارية بالكومباوندات تتفوق على المولات.. المتر يسجل 600 ألف جنيه