إنشاء مركز التجارة الأفريقي بالقاهرة بوابة جديدة لزيادة الاستثمارات الإفريقية بالقطاع العقاري المصري
مصر تستحوذ على 18.6% من الاستثمارات الإفريقية.. وتحتل المرتبة الأولى أفريقيا والتاسعة عالميا في جذب الاستثمارات الأجنبية
عادل: البيروقراطية وتعقيدات الإجراءات الإدارية وعدم استقرار سعر الصرف.. تحديات تواجه تنمية الاستثمار العقاري الأفريقي بمصر
عبدالقادر: ضرورة تحسين البنية التحتية التكنولوجية لتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد المصري وجذب الاستثمارات القارية
مركز القاهرة الأفريقي للتجارة يدعم الاستثمار ويعزز التجارة البينية بالقارة
في الوقت الذي تواجه فيه الاستثمارات الأفريقية في مصر العديد من التحديات خاصة بقطاع العقارات، أشاد الخبراء بقرار إنشاء مركز التجارة الأفريقي بالعاصمة الإداريةالجديدة، مؤكدين أنه سيكون بمثابة بوابة جديدة للاستثمار في القاهرة، وسيزيد من حجم التبادل التجاري بين مصر ودول أفريقيا ويعزز نمو الاستثمارات الإفريقية في مصر.
قال الدكتور محمد عادل، أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة، إن مركز التجارة الأفريقي بالقاهرة أحد أهم الطرق لزيادة الاستثمار الأفريقي في مصر، حيث أن الاستثمار الأفريقي في العقارات المصرية يشهد نموا ملحوظًا مع تزايد الاهتمام، خاصة من دول الخليج، وتجذب مصر بشكل عام استثمارات أجنبية كبيرة، واستحوذت مصر على أكثر من 18% من الاستثمارات الأفريقية في 2023 وتُعتبر وجهة رائدة، حيث تُقدر قيمة المشروعات العقارية المستقبلية بأكثر من 565 مليار دولار، وتبرز العقارات الخليجية كأكبر استثمار أجنبي مباشر فيها.
وأكد عادل أن مصر وجهة استثمارية رائدة حيث تتصدر الدول الأفريقية في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث استقطبت نسبة كبيرة من إجمالي الاستثمارات الأفريقية، وتعد مركزا جاذبا للإمارات والسعودية بشكل خاص، وغالبية الاستثمارات الأجنبية في العقارات المصرية تأتي من مستثمرين خليجيين (أفراد وشركات)، وتُقدر الاستثمارات الحكومية الخليجية منذ 2021 بحوالي 59.5 مليار دولار، وقدر حجم السوق العقارية المصرية بقيمة تتجاوز 3.5 تريليون جنيه مصري (حوالي 10 تريليونات دولار) في 2023، والمشروعات المستقبلية تتجاوز 565 مليار دولار، مما يضعها ضمن أكبر أسواق الإنشاءات في المنطقة.
وأشار عادل إلى أن الموقع الاستراتيجي لمصر وقوة قطاعها السياحي يساهمان في تعزيز جاذبية الاستثمار العقاري فيها، فضلًا عن تنوع المشاريع (سكنية، تجارية، سياحية)، وتحسن بيئة الاستثمار، وإمكانية التحول لمركز إقليمي للبناء والتطوير.
وأوضح عادل أن هناك عدة تحديات تواجه نمو الاستثمار الأفريقي في مصر، حيث أن الاستثمار العقاري يظل طويل الأجل ويتطلب استثمارات إضافية للصيانة والضرائب، مع وجود تقلبات في السوق، وتواجه الاستثمارات الأفريقية في مصر تحديات هيكلية واقتصادية مثل البيروقراطية وتعقيدات الإجراءات الإدارية، وعدم استقرار سعر الصرف، والتحديات المرتبطة بالتمويل المحلي ونقص العملة الأجنبية، والمخاطر الجيوسياسية الإقليمية، بالإضافة إلى ضرورة تحسين البنية التحتية التكنولوجية وتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد المصري لجذب المزيد من الاستثمارات القارية والمحلية.
وشدد عادل على ضرورة تحسين المؤشرات الاقتصادية الكلية، وتبسيط الإجراءات والاستفادة من الفرص التصديرية وتعزيز القدرات الإنتاجية، وتطوير البنية التكنولوجية وتحسين كفاءة العمل.
مصر بين قائمة أهم 5 وجهات للاستثمارات الخاصة في دول القارة الإفريقية
وكشف تقرير اقتصادي حديث، أن مصر بين قائمة أهم 5 وجهات للاستثمارات الخاصة في دول القارة الإفريقية، حيث استحوذت الاقتصادات الخمسة الكبرى في إفريقيا والممثلة في مصر، نيجيريا، جنوب إفريقيا، كينيا، وغانا على ما يقرب من 85% من جميع الاستثمارات الخاصة في الربع الثالث من عام 2024، ووفقا لما ذكرته منصة “بيزنيس أفريكا”، تم تسجيل 73 صفقة في السوق الخاصة في الربع الثالث من عام 2024، بما في ذلك 39 صفقة بقيمة إجمالية معلنة بلغت 2.27 مليار دولار.
وأظهرت منطقة شمال أفريقيا مستوى مرتفعا في تنفيذ الصفقات، حيث سيطرت مصر على 93% من صفقات المنطقة، مما يجعلها الدولة الأبرز من حيث الحصة الإقليمية خلال الفترة المذكورة، وجاءت المغرب في المرتبة الثانية بشكل ملحوظ، حيث ساهمت بنسبة 21% فقط من صفقات شمال أفريقيا.
كما سيطرت دولة جنوب أفريقيا على نشاط منطقة جنوب أفريقيا، حيث شاركت في 73% من صفقات المنطقة، بينما كانت كينيا أساسية في شرق أفريقيا، حيث ساهمت في 80% من صفقات المنطقة، واستحوذت رواندا على نسبة 15% من جميع الصفقات الأفريقية (37% من صفقات شرق أفريقيا)، ثاني أكثر دولة نشاطًا في شرق أفريقيا، واستحوذت نيجيريا على الأنشطة في غرب أفريقيا بنسبة 71% من جميع الصفقات.
وأشارت بيانات رسمية إلى أن حجم تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مصر شكل نحو 75.8% من إجمالي التدفقات في دول شمال إفريقيا، ووفق بيانات موازنة العام المالي 2024/2025، فقد ارتفع صافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر من نحو 5.2 مليار دولار خلال العام المالي 2021/2022 إلى نحو 10 مليارات دولار خلال العام المالي 2022/2023.
وفى إطار خطة زيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي خلال العام المالي الجديد، تركز الحكومة المصرية على الترويج المكثف لفرص الاستثمار في الخارج في تحسن المناخ الاستثماري في مصر، ودعوة الشركات الأجنبية لتوطين مشروعاتها في مصر للاستفادة من الموقع الجغرافي المتميز، ووفرة العمالة المدربة والبنية الأساسية واتساع الأسواق المحلية والقدرة على النفاذ للأسواق الخارجية، في ظل الحوافز المقررة بقوانين الاستثمار.
وأكد تقرير صادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “أونكتاد”، أن مصر تعد الوجهة الاستثمارية الأولى في أفريقيا للعام الثاني على التوالي رغم التداعيات الاقتصادية العالمية، وذكر أن نسبة الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر بلغت 18.6% من إجمالي الاستثمارات في أفريقيا التي بلغت 52.6 مليار دولار خلال عام.
وقال الدكتور ماجد عبدالقادر، أستاذ التمويل والاستثمار بكلية التجارة، إن إعلان إنشاء مركز التجارة الأفريقي في قلب العاصمة الإدارية الجديدة يعكس الرؤية الاستراتيجية للدولة المصرية تجاه القارة السمراء، مؤكدا أن هذا المركز يحمل دلالات هامة حول ترسيخ التواجد المصري في العمق الأفريقي، وتمثل القارة الأفريقية سوقا استهلاكيا ضخما يضم 1.4 مليار نسمة، ما يعادل 18% من سكان العالم، وتجاوز حجم التبادل التجاري بين مصر والدول الأفريقية حاجز الـ 10 مليارات دولار.
وأكد عبدالقادر أن الميزان التجاري يميل لصالح مصر، حيث تبلغ الصادرات المصرية حوالي 7.7 مليار دولار مقابل واردات تتراوح بين 1.8 إلى 2 مليار دولار، مما يحقق فائضا للدولة، وحجم الاستثمارات المصرية في أفريقيا يتراوح ما بين 13 إلى 15 مليار دولار، مما يعزز من التواجد الاقتصادي المصري، واستثمرت الدولة المصرية أكثر من 10 تريليونات جنيه خلال السنوات العشر الماضية لرفع كفاءة البنية التحتية، ليس فقط في الطرق والكباري، بل في ملف الطاقة الذي يعد التحدي الأكبر عالميا.
وأضاف عبدالقادر أن هناك العديد من التحديات التي تواجه الصادرات، وعلى رأسها تكلفة النقل، مشددا على ضرورة ربط السكك الحديدية مع أفريقيا، وتعزيز التعامل بالعملات المحلية بين الدول الأفريقية لتقليل الهيمنة الدولارية، والاستفادة من الثروات التعدينية بالقارة عبر التكامل الاقتصادي، حيث سجلت استثمارات دول الاتحاد الأفريقي حوالي 831.2 مليون دولار في العام المالي 2023/2024، مع وجود حوالي 2047 شركة أفريقية تعمل في مصر تستثمر 28 مليار دولار، وتتصدر مصر جذب الاستثمارات الأجنبية الإجمالية في أفريقيا (46.1 مليار دولار في 2023/2024) بدعم من استثمارات خليجية كبيرة وصفقات مثل رأس الحكمة، مما يعزز دورها كمركز استثماري في القارة الأفريقية.
وأشار عبدالقادر إلى أن أهم الدول الإفريقية المستثمرة في مصر هي جنوب إفريقيا، نيجيريا، المغرب، كينيا، وتونس، وتحتل مصر المرتبة الأولى أفريقيا والتاسعة عالميا في جذب الاستثمارات الأجنبية، وتستهدف مصر خلال الفترة المقبلة زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة لجذب المزيد من الشركات العالمية.
ويعتبر إنشاء مركز التجارة الأفريقي (AATC) التابع لـ«أفريكيسم بنك» في العاصمة الإدارية الجديدة بالقاهرة محطة تاريخية في الشراكة بين مصر والبنك، وهي شراكة تقوم على الثقة والرؤية المشتركة من أجل النهضة الاقتصادية لأفريقيا، ويعكس الدور المهم الذي تلعبه مصر في دفع جهود التكامل الاقتصادي القاري وتسهيل حركة التجارة، كما أن هذا المشروع سيصبح مركزا لتبادل المعلومات التجارية، وبناء القدرات، والابتكار، وربط الأسواق القارية لتحقيق الرخاء المستدام وتعزيز مكانة أفريقيا على المستوى العالمي.

