بعد الإعلان عن اتفاق التهدئة في غزة، بدأت أسواق المال العالمية تشهد حالة من الترقب والحذر، خاصة في سوق الذهب الذي يُعد الملاذ الآمن الأول وقت الأزمات.
ومع انحسار التوترات الجيوسياسية نسبيًا، اتجهت الأنظار إلى مصير المعدن الأصفر:
هل سيواصل رحلة الصعود التاريخي التي دفعته فوق حاجز 4 آلاف دولار للأونصة؟، أم سيبدأ مرحلة من التصحيح والهبوط المؤقت مع عودة الاستقرار النسبي في المنطقة؟
تهدئة غزة تضع الذهب في اختبار جديد بعد موجة الصعود القياسية
شهدت أسعار الذهب خلال الأسابيع الأخيرة ارتفاعات قوية مدفوعة بتصاعد التوترات في الشرق الأوسط، حيث لجأ المستثمرون إلى المعدن الأصفر كملاذ آمن وسط تصاعد المخاوف من توسع الصراع.
لكن مع الإعلان عن اتفاق التهدئة في غزة، بدأ الاتجاه ينقلب تدريجيًا، إذ فقد الذهب جزءًا من الزخم الشرائي، وسجّل تراجعًا طفيفًا في بداية تعاملات الأسواق العالمية، وسط توقعات بمرحلة تصحيح قصيرة الأجل.
انخفاض مؤقت أم بداية هبوط؟.. محللون يجيبون
يرى محللون دوليون أن التراجع الحالي في أسعار الذهب يُعد تصحيحًا طبيعيًا بعد موجة صعود استثنائية، متأثرًا بتهدئة الأوضاع في الشرق الأوسط، وليس تحولًا جذريًا في الاتجاه العام.
وأشار تقرير لوكالة “رويترز” إلى أن مستوى 4,000 دولار للأونصة أصبح بمثابة دعم نفسي قوي للسوق، وأن أي هبوط دونه قد يفتح المجال لاختبار مستوى 3,800 دولار في المدى القصير.
بينما أكدت تقارير أخرى أن الأسعار ستظل مرتفعة نسبيًا بفضل استمرار الطلب من البنوك المركزية وتوقعات خفض الفائدة الأمريكية خلال 2026.
الدولار والفائدة.. عاملان حاسمان في مصير الذهب القادم
يرتبط مسار الذهب مباشرة بسياسات البنوك المركزية الكبرى، وعلى رأسها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
فكلما ارتفعت أسعار الفائدة، قلّت جاذبية الذهب، والعكس صحيح.
وفي ظل التوقعات الأخيرة بخفض تدريجي للفائدة، يتوقع خبراء أن يعود الذهب لاستعادة مكاسبه بعد انتهاء موجة التصحيح الحالية.
كما يلعب ضعف الدولار دورًا محوريًا في تعزيز الطلب العالمي على المعدن النفيس خلال الفترة المقبلة.
السوق المحلي في مصر.. الأسعار مستقرة رغم التراجع العالمي
في السوق المصرية، استقرت أسعار الذهب نسبيًا رغم التراجع الطفيف عالميًا، نتيجة استمرار الطلب المحلي القوي على السبائك والجنيهات الذهبية كوسيلة للتحوّط ضد التضخم وانخفاض العملة.
وسجل عيار 21 مستوى يقارب 3,400 جنيه للجرام في بعض التعاملات، مع فروقات طفيفة بين المحافظات ومحال الصاغة.
ويرى خبراء أن أي انخفاض كبير عالمي قد لا ينعكس مباشرة على الأسعار المحلية بسبب تذبذب سعر الصرف وقوة الطلب الداخلي.
توقعات المستقبل.. هل نرى الذهب عند 5 آلاف دولار للأونصة؟
وفقًا لتقديرات “غولدمان ساكس”، فإن الذهب قد يصل إلى 4,900 – 5,000 دولار للأونصة بحلول نهاية عام 2026، في حال استمرار ضعف الدولار وعودة الضغوط التضخمية.
ويرجّح المحللون أن تبقى التوترات الإقليمية، وعدم اليقين الاقتصادي، عوامل دعم قوية للذهب على المدى الطويل، حتى بعد تهدئة غزة.
رغم التهدئة السياسية، يبقى الذهب في دائرة الضوء كأداة استثمارية آمنة في عالم مضطرب.
فما بين ضغوط الأسواق وتبدّل السياسات النقدية، سيظل المعدن الأصفر يعكس مشاعر القلق أو الطمأنينة في كل أزمة جديدة.
وحتى إشعار آخر، يبدو أن الذهب لم يفقد بريقه بعد.
اقرأ أيضاً:
قفزة تاريخية.. الذهب يتجاوز 4000 دولار للأونصة لأول مرة في التاريخ
UBS: الذهب مرشح لتجاوز 4200 دولار للأونصة خلال الأشهر المقبلة..تعرف على سعر اليوم