ارتفاع إيجار الشقق بنسبة تصل إلى 90% خلال 2025 في مصر
خبراء يطرحون حلولا عاجلة لتنظيم العلاقة الإيجارية بين الملاك والمستأجرين
مطلوب تشريع قانوني يوازن بين حقوق المالك والمستأجر بآليات محددة
زيادة المعروض السكني بإنشاء وحدات للإيجار وفتح الشقق المغلقة.. وتنظيم الزيادات السنوية وربطها بالتضخم
تشجيع المطورين وتطبيق نماذج مبتكرة مثل الإيجار حتى التملك (RTO)
تقنين الإيجار الجديد وتحديد قيمة تقديرية عادلة لكل منطقة.. وتثبيت نسب الزيادة السنوية بين 2- 5%
توفير نظام يسمح للمستأجر بتملك الشقة بعد فترة إيجار محددة بسعر عادل
واصلت أسعار الإيجارات العقارية ارتفاعها خلال الأشهر القلية الماضية وتحديدا منذ منتصف عام 2025، خاصة مع زيادة الطلب من الجاليات العربية في مصر على إيجار الشقق، بالإضافة إلى نقص المعروض من الوحدات المتاحة للإيجار، وكذلك انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار والذي أثر على أسعار الخدمات والمنتجات في مصر.
” عقار 24 ” يرصد مع الخبراء حلولًا عملية لتنظيم العلاقة الإيجارية بين الملاك والمستأجرين في مصر.
يقول الدكتور ماهر المحمدي، أستاذ التسويق بكلية التجارة، إن أسعار الإيجارات تغيرت بشكل ملحوظ في مصر خاصة بمحافظتي القاهرة والجيزة والمدن الجديدة خلال عام 2025، مؤكدًا أن الزيادة تراوحت بين 40 إلى 90% بشكل متوسط، ومن أهم المناطق التي شهدت إقبالا كثيفا لتأجير الشقق السكنية مناطق فيصل والهرم والمريوطية في الجيزة والتي ارتفع الإيجار فيها بشكل كبير خلال الأشهر الماضية.
ويوضح المحمدي أنه توجد شقق يتم تأجيرها بنظام الغرفة الواحدة، وهذه الغرف تكون مناسبة للطلبة والوافدين، وكان سعر إيجار الغرفة 1000 إلى 1500 جنيه في فيصل والهرم، ولكن حاليًّا ارتفع إيجارها إلى أكثر من 3 آلاف جنيه، بسبب الإقبال الكبير على الإيجار، وارتفع سعر إيجار الشقق لأكثر من 100% حيث وصل الإيجار حاليًّا إلى أكثر من 8 آلاف للوحدة، بعد أن كان 3 و4 آلاف جنيه، أما الكمبوندات بمدينة 6 أكتوبر وحدائق أكتوبر ارتفعت الإيجار بشكل كبير أيضًا، حيث تراوح الإيجار الشهري حاليًّا لبعض الشقق بين 18 ألف و24 ألف جنيه، وتكون مساحة الوحدة بين 150 و200 متر وغير مفروشة، وارتفعت أيضًا إيجارات الشقق في الواجهة الأخرى من القاهرة، في مدينة نصر ومصر الجديدة والقاهرة الجديدة.
ويشير المحمدي إلى أن سعر إيجار الشقة بمتوسط مساحة 150 مترًا أصبح الآن بين 15 و20 ألف جنيه، بمناطق مثل مصر الجديدة ومدينة نصر، بعد أن كان من 4 إلى 9 آلاف جنيه، أما النسبة للمشروعات التي تم طرحها عن طريق وزارة الإسكان وتم حجزها من المواطنين، فيتم حاليًا إعادة طرحها للإيجار عن طريق الحاجزين، ومن أهم هذه المشروعات سكن مصر ودار مصر.
ويقول المحمدي: ” في مشروع سكن مصر، وصل سعر إيجار شقة 116 مترًا في مدينة أكتوبر إلى 5200 جنيه، وحتى 8 آلاف جنيه شهريًّا، وفي مدينة القاهرة الجديدة بدأ الإيجار الشهري من 4500 جنيه حتى 7800 جنيه، بدلا من 4 آلاف في بداية 2025، وتراوح متوسط إيجار وحدات “سكن مصر” في مدينة الشروق بين 5000 و7000 آلاف جنيه، ووصلت أسعار الشقق المفروشة المعروضة للإيجار إلى 14 ألف جنيه وحتى 20 ألف جنيه، أما في مشروع دار مصر والذي يعد من أهم المشروعات التي طرحتها وزارة الإسكان، خلال الفترة الأخيرة ارتفعت الإيجارات بنسبة تجاوزت الـ50%، مؤكدا أن عملية الإيجار هنا تتم من خلال الحاجزين للوحدات وتكون عن طريق السماسرة أو المواقع الإلكترونية الخاصة ببيع وتأجير الوحدات السكنية”.
ويقول المهندس محمود عامر، عضو غرفة الاستثمار العقاري باتحاد الغرف التجارية، إن مدينة القاهرة الجديدة من أكثر المدن التي يوجد عليها طلب كبير لاستئجار وحدة في مشروع دار مصر، ويختلف الإيجار الشهري وفقا لمكان الوحدة ونوعية التشطيب، ولكن الإيجارات في تصاعد مستمر، مشيرا إلى أنه في عام 1996 بدأ العمل بقانون الإيجارات الجديد لتنتهي مشكلات الإيجار القديم ولكن القانون الجديد جاء ببعض العيوب وأبرزها وجود نسبة زيادة سنوية 10% من قيمة الإيجار، المشكلة لا تقتصر على أن نسبة الزيادة السنوية تعتبر كبيرة نسبيا بل أنها تخضع لهوى صاحب العقار خصوصا في أماكن الطلب العالي على العقارات.
ويؤكد عامر أنه في بعض الأحيان يطلب صاحب العقار زيادة كبيرة تتجاوز 50% من قيمة الإيجار بل أحيانا تصل إلى 100% من قيمة الإيجار خاصة عند كتابة عقد إيجار جديد، مشيرًا إلى أنه مع قدوم العديد من المهاجرين واللاجئين لمصر ازداد الطلب على العقارات المؤجرة في بعض مناطق القاهرة والجيزة والإسكندرية، وهذا الطلب الكبير أغرى أصحاب العقارات على زيادة أسعار الإيجار على المصريين والمهاجرين على حد سواء.
ويشير عامر إلى أنه لا يمكن تجاهل التضخم وارتفاع أسعار العملة الأجنبية في مواجهة العملة المحلية، حيث أن صاحب العقار يجده مبررا لرفع الإيجار بسبب ارتفاع التكاليف عليه.
ويقول عامر إن الاستثمار في العقارات يُعَدّ وسيلةً فعّالةً لتحقيق عوائد مالية كبيرة، ولكن يتطلب الأمر فهماً دقيقاً لمفهوم “صافي العائد”، حيث أن الاستثمار العقاري في مصر واحدًا من أكثر المجالات التي أثبتت قدرتها على تحقيق عائد مستقر ومضمون حتى في ظل التحديات الاقتصادية، فبينما تتقلّب أسعار الذهب والدولار، يظل العقار “ملاذًا آمنًا” يحافظ على مكانته.
ويرى الدكتور مراد هاشم، أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة، أنه لابد من تحفيز بناء وحدات سكنية للإيجار بأسعار مناسبة، وتعديل القوانين لتنظيم الزيادات وربطها بالتضخم والأجور مع حماية حقوق الملاك والمستأجرين، وتوحيد معايير الإيجار، مؤكدًا أن هذا سيكون حلا عمليا لمشكلة ارتفاع إيجارات الشقق في مصر، حيث يتطلب تدخلًا حكوميًا بتشريع يوازن بين حقوق المالك والمستأجر، من خلال آليات مثل زيادة المعروض السكني بإنشاء وحدات للإيجار وفتح الشقق المغلقة، مع تنظيم الزيادات السنوية وربطها بالتضخم، بالإضافة إلى تشجيع المطورين وتطبيق نماذج مبتكرة مثل الإيجار حتى التملك (RTO)، وتوفير وحدات صغيرة الحجم للشباب لتلبية الطلب المتزايد وتخفيف الضغط على السوق.
ويؤكد هاشم أن تنظيم الإيجار سيتم من خلال تقنين الإيجار الجديد وتحديد قيمة تقديرية عادلة لكل منطقة، وتثبيت نسب الزيادة السنوية المعقولة (مثلاً 2-5%)، وتطبيق قوانين تجبر ملاك الشقق المغلقة على تأجيرها، مما يزيد المعروض ويخفض الأسعار، خاصة مع وجود ملايين الوحدات المغلقة، وتوفير نظام يسمح للمستأجر بتملك الشقة بعد فترة إيجار محددة، بسعر عادل، مما يوفر استقرارًا للمستأجر وحافزًا للملاك.

