تراجع الدولار الأمريكي خلال تعاملات صباح اليوم الثلاثاء 5 أغسطس 2025، متأثرًا بتزايد التوقعات بقيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) بخفض أسعار الفائدة قريبًا، في ظل مؤشرات على تباطؤ الاقتصاد الأمريكي واتساع تأثير الرسوم الجمركية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ الأسبوع الماضي.
ويأتي هذا التراجع بعد أن أظهرت بيانات الوظائف الأمريكية الصادرة يوم الجمعة الماضي ضعفًا واضحًا في سوق العمل، مما عزز التقديرات بأن الاحتياطي الفيدرالي قد يلجأ إلى خفض الفائدة خلال اجتماعه المقبل في سبتمبر، بهدف دعم النمو وتخفيف الضغوط الاقتصادية المتزايدة.
ورغم ارتفاع الدولار خلال جلسة أمس الإثنين، إلا أنه عاد للهبوط مجددًا مع بدء تداولات اليوم، حيث تراجعت العملة الأمريكية أمام أغلب العملات الرئيسية. وسجّل اليورو الأوروبي في أحدث التداولات مستوى 1.1579 دولار، في حين استقر الجنيه الإسترليني عند 1.3298 دولار، محافظًا على استقراره النسبي وسط التقلبات.
أما مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية أمام سلة مكونة من ست عملات رئيسية، فقد سجل 98.688 نقطة، بعد أن لامس أدنى مستوى له في أسبوع خلال الجلسة.
اجتماع الفيدرالي المقبل
وفي ظل هذه التطورات، أظهرت أداة “فيد ووتش” التابعة لمجموعة CME أن الأسواق تسعّر احتمالية بنسبة 94.4% لخفض أسعار الفائدة خلال اجتماع الفيدرالي المقبل في سبتمبر، مقارنة بنسبة 63% فقط قبل أسبوع، ما يعكس تحولًا جذريًا في توقعات المستثمرين بشأن السياسة النقدية الأمريكية.
من جانبها، توقعت مؤسسة “جولدمان ساكس” أن يُقدم الاحتياطي الفيدرالي على ثلاث خطوات متتالية لخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس لكل مرة، تبدأ في سبتمبر المقبل، مع إمكانية تنفيذ خفض أكبر يصل إلى 50 نقطة أساس إذا استمر معدل البطالة في الارتفاع بالتقارير الاقتصادية المقبلة.
وفي سياق متصل، يستمر التركيز العالمي على تأثير الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب الأسبوع الماضي على عشرات الدول، والتي أثارت موجة قلق بشأن مستقبل الاقتصاد العالمي وسلاسل الإمداد والتوريد، في وقت حساس يشهد فيه العالم تباطؤًا اقتصاديًا عامًا.
الين الياباني
وفي آسيا، صعد الين الياباني بشكل طفيف إلى 146.95 مقابل الدولار، بعدما كشف محضر اجتماع السياسة النقدية لبنك اليابان المركزي في يونيو أن بعض الأعضاء أبدوا استعدادهم لبحث إمكانية رفع أسعار الفائدة مجددًا، في حال تراجع تأثير التوترات التجارية العالمية.
أما الفرنك السويسري فقد استقر عند 0.8081 للدولار، بعدما تراجع بنسبة 0.5% في جلسة أمس، وسط مساعي الحكومة السويسرية لتقديم عرض تجاري محسّن للولايات المتحدة، بهدف تجنّب فرض رسوم جمركية أمريكية مرتفعة تصل إلى 39% على وارداتها، وهو ما يُهدد قطاع التصدير الحيوي في الاقتصاد السويسري.
في المقابل، ارتفع الدولار الأسترالي بنسبة 0.11% إلى 0.64736 دولار، كما زاد الدولار النيوزيلندي بنفس النسبة إلى 0.5914 دولار، مدعومين بتوقعات ضعف الدولار الأمريكي وتفاؤل نسبي في بعض الأسواق الناشئة.
وقال رودريجو كاتريل، محلل العملات في بنك أستراليا الوطني بسيدني، معلقًا على المشهد: “نتوقع أن يكون تأثير الرسوم الجمركية مشابهًا لتأثير جائحة كورونا من حيث الانتقال السريع عبر سلاسل التوريد العالمية، لكن التبعات الحقيقية ستظهر بعد فترة تتراوح ما بين ستة أشهر إلى عام، وهو ما سيحدد من سيكون الرابح ومن سيكون الخاسر في هذه المعادلة العالمية”.
وأضاف: “رغم القوة التي تمتع بها الدولار الأمريكي خلال الفترة الماضية، فإننا ما زلنا نرى اتجاهًا عامًا نحو الانخفاض في أداء العملة الأمريكية خلال الأشهر المقبلة، خاصة مع تحول سياسة الفيدرالي من التشديد إلى التيسير”.