في خطوة فاجأت الأسواق العالمية، أعلنت الصين رسميًا إلغاء الإعفاء الضريبي على تجارة الذهب، لتبدأ مرحلة جديدة من السياسات الاقتصادية التي تهدف إلى ضبط السيولة وتعزيز الإيرادات. القرار المفاجئ من “التنين الصيني” أثار جدلًا واسعًا حول مستقبل المعدن النفيس عالميًا، وتأثيره المحتمل على استقرار العملة الصينية (اليوان).
بكين تفرض ضريبة القيمة المضافة على الذهب
بعد سنوات من تشجيع شراء الذهب عبر إعفاءات ضريبية واسعة، قررت الحكومة الصينية فرض ضريبة القيمة المضافة على عمليات بيع وشراء الذهب، بما في ذلك السبائك والمجوهرات والذهب الخام، ما يعني زيادة التكلفة النهائية على المستهلكين داخل الصين.
ويرى مراقبون أن القرار يتجاوز كونه تعديلًا إداريًا، إذ يعكس تحولًا استراتيجيًا في أولويات الحكومة التي تسعى لتأمين موارد مالية جديدة، في ظل تراجع سوق العقارات وضعف وتيرة النمو الاقتصادي.
تأثير القرار على السوق المحلية والعالمية
بحسب موقع Moneycontrol، فإن إلغاء الإعفاء الضريبي سيجعل الذهب أكثر تكلفة في السوق الصينية، مما قد يؤدي إلى تباطؤ الطلب المحلي، وبالتالي ضغط هبوطي على الأسعار العالمية، نظرًا لأن الصين تعد أكبر مستهلك ومشترٍ للذهب في العالم.
وفي حين يبدو القرار ماليًا في جوهره، إلا أن محللين اقتصاديين أكدوا أنه يحمل بعدًا رقابيًا واضحًا؛ فمع تراجع الثقة في العقارات خلال العامين الماضيين، توجه المستثمرون الصينيون إلى الذهب كـ”ملاذ آمن”، ما تسبب في نزيف للسيولة من الاقتصاد الحقيقي نحو الأصول غير المنتجة.
من خلال إعادة فرض الضرائب، تسعى بكين إلى وقف هذا النزيف وتوجيه الأموال نحو استثمارات محلية أكثر إنتاجًا مثل البنية التحتية والسندات الحكومية.
انعكاسات متوقعة على الأسواق
يتوقع الخبراء أن تظهر آثار القرار سريعًا مع افتتاح بورصة هونج كونج، حيث يُحتمل أن تشهد العقود الآجلة للذهب عمليات بيع تصحيحية. وفي المقابل، قد يستفيد اليوان الصيني مؤقتًا من القرار مع تراجع الطلب على الذهب كأداة ادخارية.
أما على مستوى القارة الآسيوية، فقد يعاد رسم خريطة تجارة الذهب؛ إذ قد تتجه الشركات إلى مراكز بديلة مثل سنغافورة ودبي للاستفادة من الأنظمة الضريبية المرنة وتكاليف التشغيل الأقل، وفقًا لموقع Mining.com.
هل يفقد الذهب بريقه؟
رغم الصدمة التي أحدثها القرار الصيني، يرى محللون أن تأثيره سيكون مؤقتًا، لأن العوامل الداعمة للذهب عالميًا ما زالت قوية، وتشمل:
تصاعد التوترات الجيوسياسية التي تعزز الطلب على الأصول الآمنة.
زيادة مشتريات البنوك المركزية، خصوصًا في الاقتصادات الناشئة.
استمرار الضغوط التضخمية في الولايات المتحدة وأوروبا.
بناءً على ذلك، يُرجّح أن يكون أي هبوط حالي تصحيحًا قصير المدى وليس بداية لانحدار طويل في أسعار الذهب.
قراءة في أبعاد القرار
لا يمكن فصل الخطوة الصينية عن استراتيجية بكين الأوسع لإعادة ضبط الاقتصاد والتحكم في تدفقات رؤوس الأموال. فهي من جهة تسعى إلى دعم استقرار اليوان وتعزيز الانضباط المالي، ومن جهة أخرى، تؤكد استعدادها لاتخاذ قرارات حاسمة وسريعة للحفاظ على توازن الاقتصاد المحلي.
ورغم ذلك، يظل السؤال مفتوحًا:
هل سيتراجع الذهب فعلاً تحت ضغط “التنين الصامت”، أم أن العوامل الدولية ستعيد إليه بريقه سريعًا؟
الأسابيع المقبلة وحدها ستكشف إن كانت الخطوة هزة مؤقتة أم بداية مرحلة جديدة في سوق الذهب العالمي.
تأثير القرار الصيني على أسعار الذهب في مصر
يرى خبراء سوق الذهب أن قرار الصين بإلغاء الإعفاء الضريبي على تجارة الذهب قد ينعكس بشكل غير مباشر على أسعار الذهب في مصر خلال الأسابيع المقبلة، خاصة مع الترابط القوي بين الأسعار المحلية والعالمية.
ففي حال أدى القرار إلى تراجع مؤقت في الأسعار العالمية نتيجة انخفاض الطلب الصيني، فمن المتوقع أن يخف الضغط على السوق المحلي المصري، ما قد يؤدي إلى استقرار أو تراجع طفيف في الأسعار على المدى القصير.
لكن في المقابل، إذا استجابت الأسواق الدولية سريعًا واستعاد الذهب زخمه كملاذ آمن — خصوصًا مع استمرار التوترات الجيوسياسية عالميًا — فقد تعود الأسعار للارتفاع تدريجيًا في مصر، مدفوعة بزيادة سعر الأونصة عالميًا وارتفاع تكلفة الاستيراد.
ويؤكد تجار الذهب في القاهرة أن استقرار سعر الدولار محليًا سيكون العامل الحاسم في تحديد اتجاه الأسعار خلال الفترة المقبلة، إذ يظل سعر الصرف هو المحرك الرئيسي لتقلبات سوق الذهب في مصر.
وبذلك، فإن قرار الصين قد يكون له تأثير مزدوج على السوق المصري:
تراجع محدود على المدى القصير، ثم احتمال صعود تدريجي إذا عادت الأسعار العالمية للارتفاع مع تعافي الطلب الدولي.
اقرأ أيضاً:
تعرف على أسعار الذهب اليوم في السوق المحلية
تراجع مفاجئ في أسعار الذهب.. اعرف الأسباب والتوقعات القادمة!

