أعلنت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري يوم 22 مايو 2025، خفض أسعار الفائدة الأساسية بمقدار 100 نقطة أساس، لتصل إلى 24% للإيداع و25% للإقراض. هذا القرار، رغم أنه يأتي ضمن دورة تيسير نقدي بدأت بالفعل، يطرح تساؤلات مهمة حول انعكاساته على مختلف القطاعات، وعلى رأسها القطاع العقاري الذي يُعد من أهم الملاذات الاستثمارية للمصريين.
أولاً: علاقة الفائدة بسوق العقارات
أسعار الفائدة تمثل عنصرًا حاسمًا في تحديد خيارات الأفراد والمستثمرين بين الادخار أو الاستثمار. عندما تكون الفائدة مرتفعة، يفضل الكثيرون إيداع أموالهم في البنوك كاستثمار آمن بعائد مرتفع، مما يقلل السيولة الموجهة لشراء العقارات أو تنفيذ مشروعات جديدة.
أما خفض الفائدة، فهو يقلص العائد البنكي ويجعل الاستثمار العقاري أكثر جذبًا، سواء بغرض السكن أو الاستثمار، لأنه يوفر فرصة لحفظ القيمة ومواجهة التضخم، خاصة مع استقرار أو انخفاض معدلاته كما تشير بيانات المركزي الأخيرة.
ثانيًا: التأثير على الطلب العقاري
خفض الفائدة قد ينعكس إيجابيًا على الطلب العقاري من خلال:
تشجيع الشراء بغرض الاستثمار: العائد البنكي الأقل سيدفع بعض المودعين لتحويل مدخراتهم إلى أصول عقارية، بحثًا عن عائد أعلى أو تحوطًا ضد التضخم.
تحفيز شركات التمويل العقاري: مع انخفاض تكلفة الاقتراض، قد تقدم البنوك وشركات التمويل شروطًا أفضل للعملاء، ما يسهل على الفئات المتوسطة الدخول لسوق الشراء.
زيادة حركة السوق الثانوية: قد تتجه بعض الفئات لبيع الوحدات العقارية بهدف تدوير الأموال في استثمارات أكثر ربحًا، مما يحرك السوق المعطل جزئيًا في بعض المناطق.
ثالثًا: التأثير على شركات التطوير العقاري
القرار يحمل أنباء إيجابية للمطورين العقاريين:
انخفاض تكلفة التمويل: التمويل البنكي للمشروعات أصبح أقل تكلفة، مما يعزز من قدرة الشركات على تنفيذ مشروعات جديدة أو استكمال القائم منها.
تحسن السيولة المتوقعة: زيادة الطلب المرتقبة قد ترفع من معدلات التحصيل، وتقلل فترات الركود في البيع.
مراجعة لخطط التسعير: رغم انخفاض التضخم، فإن أسعار العقارات مرشحة للثبات أو الزيادة البسيطة، بفعل تحسن الطلب وانخفاض تكلفة التمويل.
رابعًا: هل يشهد السوق انتعاشة حقيقية؟
رغم المؤشرات الإيجابية، من المهم الإشارة إلى أن استجابة السوق العقاري ليست آنية وسريعة، وذلك بسبب:
تأثر القوة الشرائية: ارتفاع الأسعار خلال السنوات الماضية ما زال يضغط على قدرة الكثيرين على الشراء.
الفجوة بين العرض والطلب الحقيقي: ما زالت هناك فجوة بين نوعية المعروض واحتياجات السوق، خصوصًا في الإسكان المتوسط والمنخفض.
عدم كفاية خفض الفائدة وحده: السوق بحاجة إلى منظومة متكاملة من الدعم، تشمل تحسين شروط التمويل العقاري، وخفض تكلفة تسجيل العقارات، وتسهيل إجراءات البناء والتراخيص.
خامسًا: التوقعات خلال النصف الثاني من 2025
زيادة تدريجية في معدلات الطلب على العقارات السكنية والاستثمارية.
توسع بعض الشركات في إطلاق مراحل جديدة من مشروعاتها، خاصة في المدن الجديدة والعاصمة الإدارية.
منافسة أكبر على التمويل العقاري بين البنوك، مما قد يخلق حلولًا أكثر تنوعًا للمشتريين.
استقرار نسبي في أسعار الوحدات مع احتمال ارتفاع طفيف حال تحسن الطلب بشكل واضح.
خطوة محفزة
قرار خفض الفائدة هو خطوة محفزة للقطاع العقاري، لكنها ليست وحدها كافية لتحريك السوق بشكل كبير. ومع ذلك، فإن استمرار هذا الاتجاه – إلى جانب تحسن معدلات التضخم والنمو – يمكن أن يُحدث فرقًا ملموسًا في أداء السوق العقاري خلال الفترة القادمة.