في ظل التحديات البيئية العالمية، واتفاقيات المناخ، وأهداف التنمية المستدامة، اتجهت مصر في السنوات الأخيرة إلى تعزيز مفهوم “الإسكان الأخضر”، باعتباره أحد الحلول الفعّالة لمواجهة التغير المناخي وتحسين جودة الحياة، مع الحفاظ على الموارد الطبيعية وخفض استهلاك الطاقة والمياه في المشروعات السكنية.
ثانيًا: مفهوم الإسكان الأخضر
الإسكان الأخضر يشير إلى المباني المصممة والمُدارة بطريقة تقلل من الأثر البيئي طوال دورة حياتها، بدءًا من التصميم والإنشاء وصولاً إلى التشغيل والصيانة، مع التركيز على:
كفاءة استخدام الطاقة
ترشيد استهلاك المياه
استخدام مواد بناء صديقة للبيئة
تقليل النفايات والانبعاثات
تعزيز المساحات الخضراء
ثالثًا: التوجهات الحكومية
1. استراتيجية التنمية المستدامة “رؤية مصر 2030”
تشمل هذه الرؤية محورًا خاصًا بالبيئة والإسكان المستدام، وتسعى الدولة من خلالها إلى دعم:
الأبنية الخضراء
المدن الذكية
التوسع في مشاريع الطاقة المتجددة
تحسين البنية التحتية البيئية
2. وزارة الإسكان والمجتمعات العمرانية
بدأت الوزارة تنفيذ مشروعات تجريبية للإسكان الأخضر، خاصة في المدن الجديدة (مثل العاصمة الإدارية، و6 أكتوبر، والعبور الجديدة)، بالتعاون مع منظمات دولية مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (UN-Habitat).
3. كود البناء الأخضر المصري
تم إعداد كود للبناء المستدام (قيد التحديث والتطبيق التدريجي)، يتضمن معايير ملزمة للمطورين في المستقبل.
رابعًا: أبرز مشاريع الإسكان الأخضر في مصر
1. مشروع “إسكان الشباب الأخضر” – بمدينة 6 أكتوبر
نفذته وزارة الإسكان بالتعاون مع UNDP.
يستخدم سخانات شمسية، أنظمة إضاءة موفرة للطاقة، وتصميمات تعتمد على التهوية الطبيعية.
وفر نسبة 40% من الطاقة و30% من المياه مقارنة بالمباني التقليدية.
2. العاصمة الإدارية الجديدة – مناطق الإسكان الذكي
تضم مشروعات إسكان تعتمد على أنظمة إدارة طاقة مركزية، وتكنولوجيا بناء ذكية، ومساحات خضراء مكثفة.
الهدف تقليل الانبعاثات وتحسين جودة الهواء.
3. مشروع “مدن الجيل الرابع” (مثل العلمين الجديدة والمنصورة الجديدة)
يتم دمج مفاهيم الاستدامة في البنية التحتية والمرافق.
التركيز على استخدام الطاقة الشمسية، وتحلية المياه، والمعالجة الذكية للمخلفات.
4. مشروعات القطاع الخاص
بعض شركات التطوير العقاري مثل ماونتن فيو، بالم هيلز، سوديك، حسن علام بدأت إدخال معايير البناء الأخضر في مشروعاتها، كجزء من استراتيجيات التسويق والتميّز.
خامسًا: التحديات التي تواجه الإسكان الأخضر في مصر
ارتفاع التكلفة المبدئية: المواد والتقنيات الخضراء لا تزال أعلى تكلفة من التقليدية.
نقص التوعية: كثير من المواطنين والمطورين لا يدركون فوائد الإسكان الأخضر على المدى الطويل.
غياب الحوافز: هناك حاجة لمزيد من الحوافز الضريبية أو التمويلية لتشجيع المطورين والمواطنين.
البنية التشريعية: لا تزال بعض الأكواد والمعايير قيد التطوير ولم تُطبق إلزاميًا بعد.
سادسًا: الفرص المستقبلية والتوصيات
الفرص:
تقليل فاتورة استهلاك الطاقة والمياه.
جذب الاستثمارات الأجنبية المهتمة بالاستدامة.
تحسين الصحة العامة للسكان.
خلق فرص عمل في مجال التكنولوجيا الخضراء.
التوصيات:
توفير حوافز حكومية مثل تخفيضات ضريبية أو دعم تمويلي للمشروعات الخضراء.
إدراج الاستدامة ضمن مناهج التعليم المعماري والهندسي.
تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتسريع التحول إلى الإسكان الأخضر.
إطلاق حملات توعية موجهة للمواطنين لتعزيز الطلب على هذه النمط من السكن.
فرصة ذهبية
يمثل الإسكان الأخضر فرصة ذهبية لمصر لتحقيق التوازن بين التنمية العمرانية والنمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة. ومع الخطوات الجادة التي بدأت بالفعل، فإن توسيع نطاق التطبيق وتوفير الحوافز المناسبة سيجعل من هذا التوجه ركيزة أساسية لمستقبل الإسكان في مصر.