في خطوة مفاجئة وجريئة، أعلن البنك المركزي المصري في 17 أبريل 2025 خفض أسعار الفائدة بمقدار 225 نقطة أساس، لتصبح أسعار الإقراض عند 26% والإيداع عند 25%. جاء هذا القرار بعد تباطؤ ملحوظ في معدلات التضخم، التي وصلت إلى 13.6% في مارس 2025، ونمو اقتصادي قوي بنسبة 4.3% مدعوم بقطاعات الصناعة والتجارة والسياحة.
ومع هذا التحول في السياسة النقدية، أصبحت الأنظار تتجه نحو سوق الذهب المحلي، الذي يشهد تقلبات كبيرة بدعم من الأسعار العالمية المرتفعة والتوقعات بتغيرات في قيمة الجنيه. تستعرض عقار 24 في هذا التقرير الحصري تأثير قرار خفض الفائدة على أسعار الذهب في مصر، مع تحليل العوامل الاقتصادية وتوقعات السوق خلال الفترة المقبلة.
- خلفية قرار خفض الفائدة ودوافعه
جاء قرار البنك المركزي المصري بخفض الفائدة بعد أكثر من خمس سنوات من السياسات التشديدية، استجابة لتحسن المؤشرات الاقتصادية. سجل التضخم العام انخفاضًا من 24% في يناير 2025 إلى 13.6% في مارس، بينما تراجع التضخم الأساسي إلى 9.4%. كما أظهرت بيانات الربع الأول من 2025 نموًا اقتصاديًا بنسبة 4.3%، مدفوعًا بقطاعات حيوية مثل الصناعة غير البترولية والسياحة. هذه التطورات وفرت مساحة للبنك المركزي لبدء دورة تيسير نقدي، مع توقعات بمزيد من التخفيضات في 2025 و2026، وإن بوتيرة أبطأ، حسب بيان المركزي.
- تأثير خفض الفائدة على سوق الذهب المحلي
وفقًا لتحليل خبراء السوق، يؤثر خفض الفائدة على أسعار الذهب في مصر عبر عدة قنوات رئيسية:
أ. تراجع جاذبية الادخار البنكي وزيادة الطلب على الذهب
انخفاض أسعار الفائدة يقلل من العائد على الودائع والشهادات البنكية، مما يدفع المستثمرين والمدخرين إلى البحث عن بدائل آمنة لحفظ القيمة. يبرز الذهب كخيار مفضل في ظل التقلبات الاقتصادية، نظرًا لكونه أصلًا غير قابل للتضخم ويحتفظ بقيمته على المدى الطويل. تشير تقارير محلية إلى ارتفاع الطلب على الذهب في السوق المصري عقب إعلان القرار، حيث سجل عيار 21، الأكثر شيوعًا، ارتفاعًا طفيفًا من 4765 جنيهًا إلى 4775 جنيهًا في 18 أبريل 2025.
ب. ضغوط محتملة على الجنيه وارتفاع الأسعار المحلية
يؤدي خفض الفائدة إلى تقليل الطلب على أدوات الدين الحكومية بالجنيه المصري، مما قد يضعف قيمة العملة المحلية مقابل الدولار. ونظرًا لتسعير الذهب عالميًا بالدولار، فإن أي انخفاض في قيمة الجنيه يرفع تلقائيًا أسعار الذهب في السوق المحلي، حتى لو ظلت الأسعار العالمية مستقرة. يتوقع المحللون أن هذا العامل قد يدفع أسعار الذهب إلى مستويات أعلى خلال الأشهر المقبلة، خاصة إذا استمر التيسير النقدي.
ج. التأثير العالمي للسياسات النقدية
على الصعيد العالمي، يتأثر الذهب بانخفاض أسعار الفائدة في الأسواق الكبرى مثل الولايات المتحدة. فعندما تخفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، يضعف الدولار، مما يجعل الذهب أكثر جاذبية كأصل آمن. في 2025، سجلت أسعار الذهب العالمية ارتفاعات قياسية، حيث تجاوزت 3000 دولار للأوقية في مارس، مدعومة بتوقعات خفض الفائدة الأمريكية وتصاعد التوترات الجيوسياسية. هذا الارتفاع العالمي ينعكس على السوق المصري، حيث سجل عيار 24 سعر 5457 جنيهًا في 18 أبريل 2025.
- أسعار الذهب الحالية وتحركات السوق
حتى 18 أبريل 2025، سجلت أسعار الذهب في مصر الآتي:
- عيار 24: 5457 جنيهًا
- عيار 21: 4775 جنيهًا
- عيار 18: 4093 جنيهًا
- جنيه الذهب: 38160 جنيهًا
على الرغم من الارتفاع الطفيف عقب قرار خفض الفائدة، يظل السوق في حالة ترقب. فقد سجل عيار 21 أعلى مستوى له عند 4790 جنيهًا يوم 17 أبريل، لكنه استقر عند 4775 جنيهًا في اليوم التالي، مما يعكس حالة من الحذر بين المستثمرين بانتظار تطورات سعر الصرف وسياسات المركزي المستقبلية.
- توقعات السوق والتحليل المستقبلي
تشير التوقعات إلى أن تأثير خفض الفائدة على أسعار الذهب سيكون تدريجيًا وليس لحظيًا. وفقًا لتحليل “جولد بيليون”، فإن استمرار سياسة التيسير النقدي، إلى جانب التوترات الجيوسياسية العالمية، سيحافظ على جاذبية الذهب كملاذ آمن. كما أن الضغوط المحتملة على الجنيه قد تدفع الأسعار إلى مستويات أعلى، خاصة إذا شهدت العملة المحلية تراجعًا ملحوظًا.
من ناحية أخرى، يحذر بعض المحللين من أن انخفاض التضخم قد يحد من مكاسب الذهب على المدى القصير، حيث يعتمد الذهب جزئيًا على التوقعات التضخمية للحفاظ على قيمته. ومع ذلك، فإن الطلب القوي من البنوك المركزية عالميًا، والذي شهد زيادة في احتياطيات الذهب في مصر إلى 126.88 طنًا في 2024، يدعم توقعات الأسعار المرتفعة.
- نصائح للمستثمرين
- الاستثمار طويل الأجل: ينصح الخبراء المستثمرين بالتركيز على الذهب كاستثمار طويل الأجل، خاصة مع التوقعات بارتفاع الأسعار نتيجة ضعف الجنيه والطلب العالمي.
- مراقبة سعر الصرف: يجب متابعة تحركات الجنيه مقابل الدولار، حيث ستؤثر بشكل مباشر على الأسعار المحلية.
- التنويع: يُوصى بتخصيص نسبة معتدلة (5-10%) من المحفظة الاستثمارية للذهب لتقليل المخاطر، مع الاحتفاظ بأصول أخرى مثل الأسهم أو السندات.
- شراء من مصادر موثوقة: يُفضل اقتناء الذهب من محلات أو منصات معتمدة لضمان الجودة وتجنب الاحتيال.
خاتمة:
يُعد قرار خفض الفائدة في مصر نقطة تحول اقتصادية تفتح الباب أمام تغيرات كبيرة في سوق الذهب المحلي. مع زيادة الطلب على الذهب كملاذ آمن، وضعف محتمل في الجنيه، وارتفاع الأسعار العالمية، تتجه الأنظار نحو صعود تدريجي في أسعار الذهب خلال الأشهر المقبلة. ومع ذلك، يبقى السوق عرضة لتقلبات تعتمد على سياسات البنك المركزي المستقبلية وتطورات سعر الصرف. يظل الذهب، بطبيعته كأصل مستقر، خيارًا جذابًا للمستثمرين الباحثين عن الحماية من عدم اليقين الاقتصادي، مما يجعل هذا الوقت فرصة لمراجعة الاستراتيجيات الاستثمارية بعناية.
اقرأ أيضاً:
موجة جني الأرباح تهز أسواق الذهب: تراجع مفاجئ بعد قمم تاريخية