في مساء يوم الإثنين الموافق 7 يوليو 2025، اندلع حريق كبير في سنترال رمسيس، أحد أهم المرافق الحيوية في قلب العاصمة المصرية القاهرة. ورغم السيطرة عليه لاحقًا، أثار الحادث تساؤلات عديدة حول البنية التحتية، وفاعلية إجراءات السلامة، ومدى استعداد المؤسسات الحيوية في مصر لمواجهة الكوارث.
اندلع الحريق داخل مبنى السنترال الواقع في شارع رمسيس، حيث تصاعدت ألسنة اللهب بشكل كثيف، مما أثار حالة من الذعر في محيط المنطقة المزدحمة بالسكان والمارة والمنشآت الحيوية. وتم الدفع بعدد كبير من سيارات الإطفاء والإسعاف، ونجحت قوات الحماية المدنية في السيطرة على الحريق دون وقوع خسائر بشرية جسيمة، لكن الأضرار المادية والتقنية كانت ملحوظة.
يُعد السنترال من المراكز الحيوية للبنية التحتية الرقمية والاتصالات في القاهرة، ويخدم عددًا هائلًا من المستخدمين من أفراد ومؤسسات حكومية وخاصة. وتعطله قد يؤدي إلى شلل مؤقت في خدمات الاتصالات والإنترنت بعدة مناطق.
أعلنت وزارة الاتصالات أن الخدمات لم تتأثر بشكل كبير، وتم تحويل بعضها إلى مراكز بديلة، كما تم فتح تحقيق شامل في أسباب الحريق. وصرّح رئيس اتحاد بنوك مصر أن البنوك عملت بشكل طبيعي في اليوم التالي، لتأكيد استقرار البنية الاقتصادية وعدم تأثرها بالحادث.
السؤال الذي يفرض نفسه بعد السيطرة على النيران:
هل ستبقى الحادثة مجرد خبر عابر، أم تكون نقطة تحول في فكر الإدارة المصرية نحو:
- تطوير البنية التحتية للاتصالات والمرافق الحيوية؟
- مراجعة نظم السلامة والحماية المدنية في المؤسسات الكبرى؟
- تفعيل خطط الطوارئ والاختبارات الدورية للجاهزية؟
- تبني التكنولوجيا الحديثة في المراقبة والإنذار المبكر؟
مشكلة حصر الاتصالات في مكان واحد
- أحد أبرز الدروس المستفادة من حريق سنترال رمسيس هو خطورة تركّز البنية التحتية الحيوية للاتصالات في نقطة واحدة دون وجود خطط توزيع أو نسخ احتياطية نشطة. اعتماد آلاف الخطوط الهاتفية وربما خوادم الإنترنت على مبنى واحد في منطقة مزدحمة، يزيد من هشاشة المنظومة ويجعلها عرضة للشلل التام في حال وقوع أي طارئ.
- هذه المركزية تُخالف أبسط قواعد الإدارة الحديثة للمخاطر، التي تقوم على مبدأ “اللامركزية” و”النسخ الاحتياطي الموزع” لضمان استمرارية الخدمة. فما حدث يوضح غياب بنية تقنية مرنة قادرة على تجاوز الكوارث، وهو أمر خطير في عصر أصبحت فيه الاتصالات شريانًا حيويًا للاقتصاد والأمن والخدمات الحكومية.
- إن الوقت قد حان لإعادة توزيع مراكز الاتصالات وتحديث بنيتها التحتية، سواء عبر إنشاء سنترالات ذكية في المحافظات، أو الاعتماد على الحوسبة السحابية المحلية، لضمان مرونة النظام وعدم تكرار السيناريو ذاته في المستقبل.
حريق سنترال رمسيس ليس مجرد حادث عابر، بل إنذار واضح على هشاشة بعض منشآتنا الحيوية. ولعل الفرصة لا تزال متاحة لتدارك الأمور، إذا ما تم التعامل مع الحادث كدرس عملي، يُعيد رسم أولويات الدولة في الأمن السيبراني والبنية الرقمية.
فمن رحم الأزمة قد تولد فرصة… إن أحسنّا قراءتها.
.