في خطوة طال انتظارها، أعلن البنك المركزي المصري عن أول خفض لأسعار الفائدة منذ أكثر من 5 سنوات، وهو ما يفتح الباب أمام تحول كبير في مسار السياسة النقدية. القرار لا يحمل فقط إشارات إيجابية لتهدئة التضخم وتحفيز الاستثمار، بل يُعد أيضًا خطوة محورية نحو تخفيض كلفة خدمة الدين العام، الذي يُعد من أكبر التحديات التي تواجه الموازنة العامة للدولة.
فما مدى تأثير خفض الفائدة على فاتورة الديون؟ وما العوائد التي يمكن أن يجنيها الاقتصاد المصري خلال الفترة المقبلة؟ الأرقام تكشف الإجابة.
أولاً: العوائد الاقتصادية المحتملة لتخفيض سعر الفائدة في مصر
1. دعم الاستثمار المحلي والأجنبي:
يقلل تكلفة الاقتراض، مما يُشجع الشركات على التوسع والاستثمار.
تنشيط القطاع الصناعي والعقاري، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
2. تخفيف أعباء الديون الحكومية:
خفض الفائدة يعني تقليل تكلفة خدمة الدين المحلي.
يخلق مساحة مالية أكبر للإنفاق على القطاعات الحيوية مثل الصحة والتعليم.
3. تحفيز القطاع الخاص والمشروعات الصغيرة والمتوسطة:
تشجيع الاقتراض للمشروعات الصغيرة، التي تمثل العمود الفقري للاقتصاد.
4. تنشيط الطلب المحلي وسوق العقارات:
يدفع النمو في الإنفاق الاستهلاكي ويزيد الإقبال على التمويل العقاري.
5. دعم البورصة المصرية:
انخفاض الفائدة يدفع السيولة نحو سوق الأسهم، ما يعزز النشاط المالي والاستثماري.
ثانيًا: أرقام وتقديرات لتأثير خفض الفائدة على الدين العام
1. حجم الدين المحلي:
تجاوز 5.5 تريليون جنيه بنهاية 2023.
فوائد الدين تمثل نحو 45% من إجمالي مصروفات الموازنة.
2. تقدير الوفورات:
كل خفض بمقدار 1% في الفائدة يُوفر 75-100 مليار جنيه سنويًا.
الخفض الحالي (2.25%) قد يوفر نحو 170 إلى 220 مليار جنيه خلال عام.
3. أثر ذلك على الموازنة العامة:
يُمكن توجيه هذا التوفير إلى برامج الحماية الاجتماعية، الصحة، التعليم، أو تقليل العجز الكلي.
4. التقديرات لموازنة 2024/2025:
فوائد الديون المتوقعة كانت 1.2 تريليون جنيه.
بعد الخفض، قد تنخفض إلى حدود 1 تريليون جنيه أو أقل.
ثالثًا: عوائد غير مباشرة محتملة
1. تحفيز فرص العمل:
زيادة النشاط الاقتصادي تعني فرص عمل جديدة، خاصة في القطاعات كثيفة العمالة.
2. استقرار توقعات التضخم:
إذا تم الخفض ضمن سياسة واضحة، قد يُساهم في خفض التضخم تدريجيًا.
3. جذب رؤوس أموال إنتاجية:
تقليل الاعتماد على الأموال الساخنة وتعزيز الاستثمار المباشر طويل الأجل.
رابعًا: التحديات المصاحبة
خطر عودة التضخم إذا لم يتم ضبط السيولة.
تراجع جاذبية الجنيه أمام الأموال الأجنبية قصيرة الأجل.
ضرورة وجود إصلاحات هيكلية مصاحبة.
خطوة استراتيجية
خفض أسعار الفائدة في مصر يُعد خطوة استراتيجية نحو دعم النمو وتقليل الأعباء المالية، خاصة في ظل التباطؤ التضخمي. وفورات قد تتجاوز 200 مليار جنيه سنويًا تُعد فرصة نادرة لتحسين المالية العامة وتحقيق استقرار اقتصادي طويل الأمد، بشرط الموازنة بين الحذر النقدي والتنشيط الاقتصادي.
اقرأ أيضاً: