العقار في مصر كان وما زال “الحصان الرابح” للمستثمرين والمواطنين الباحثين عن الأمان في ظل الأزمات الاقتصادية وارتفاع التضخم. لكن مع الطفرة السعرية الكبيرة خلال العامين الماضيين، أصبح السؤال الأكثر تداولًا: هل السوق العقاري في مصر يسير نحو ركود حقيقي؟ أم أننا أمام فقاعة عقارية قد تنفجر في أي لحظة؟
أولاً: مؤشرات النشاط العقاري
ارتفاع المبيعات: تقارير السوق تُظهر أن شركات التطوير العقاري الكبرى حققت مبيعات قياسية في 2024 وصلت إلى نحو 1.4 تريليون جنيه، أي ضعف مبيعات العام السابق.
الأسعار الاسمية مقابل الحقيقية: رغم أن الأسعار ارتفعت بأكثر من 30% في 2025، إلا أن جزءًا من هذه الزيادة مرتبط بارتفاع معدلات التضخم، ما يعني أن القيمة الحقيقية للعقار لم ترتفع بنفس النسبة.
تنوع المنتجات: لتجنب تراجع الطلب، لجأ المطورون إلى تقديم وحدات أصغر بمساحات تبدأ من 70 مترًا وخطط دفع قد تمتد حتى 10 سنوات.
ثانيًا: عوامل تدعم استمرار النمو
الطلب السكاني المرتفع: مصر تضيف أكثر من 2 مليون نسمة سنويًا، ما يخلق طلبًا حقيقيًا على السكن.
العقار كملاذ آمن: في ظل تراجع الجنيه وارتفاع التضخم، يفضل الكثيرون تحويل مدخراتهم إلى عقارات بدلًا من الاحتفاظ بالنقد.
المشروعات القومية: استثمارات الدولة في العاصمة الإدارية والمدن الجديدة (العلمين، المنصورة الجديدة، وغيرها) توفر فرصًا إضافية للسوق وتحافظ على نشاطه.
ثالثًا: مؤشرات على مخاطر الفقاعة
الأسعار أسرع من الدخول: دخل الأسرة المصرية لا ينمو بنفس وتيرة ارتفاع أسعار العقارات، ما يهدد بحدوث فجوة بين القدرة الشرائية والأسعار.
تكدس الوحدات الفاخرة: في بعض المناطق مثل العاصمة الإدارية والساحل الشمالي، توجد وحدات كثيرة غير مسكونة حتى الآن، ما يشير إلى طلب مضاربي أكثر من كونه طلبًا للسكن الفعلي.
اعتماد المضاربة: كثير من المستثمرين يشترون بهدف إعادة البيع السريع وليس السكن أو الاستثمار الطويل الأجل، وهذا أحد أهم مؤشرات الفقاعة.
رابعًا: هل نحن في ركود أم أمام فقاعة؟
لا ركود شامل: السوق ما زال نشطًا في الوحدات المتوسطة والمشروعات التي تناسب الطبقة المتوسطة.
تصحيح محتمل: بعض الشرائح (الفاخرة أو البعيدة عن الخدمات) قد تشهد هبوطًا أو ركودًا نسبيًا في المبيعات.
فقاعة جزئية محتملة: إذا استمر ارتفاع الأسعار بنفس الوتيرة دون تحسن في القدرة الشرائية أو دعم التمويل العقاري، قد نكون أمام فقاعة جزئية في بعض المناطق.
الخلاصة
السوق العقاري المصري اليوم أقرب إلى مرحلة توازن هش.
هناك طلب حقيقي يدعم السوق، خاصة في المدن الكبرى والمشروعات المتوسطة.
في المقابل، توجد مخاطر من المبالغة السعرية والمضاربة قد تؤدي إلى تصحيح أو فقاعة في بعض القطاعات.