شهدت الأوساط الاقتصادية والعقارية في مصر حالة من الاهتمام الواسع بعد الإعلان عن صفقة استثمارية قطرية كبرى تُقدر بنحو 30 مليار دولار موجهة إلى تطوير مشروعات سياحية وسكنية متكاملة في منطقة الساحل الشمالي، لتكون واحدة من أضخم الصفقات الاستثمارية في تاريخ القطاع العقاري المصري.
رسالة ثقة في الاقتصاد المصري
تأتي الصفقة القطرية في توقيت حساس للاقتصاد المصري الذي يسعى إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة لدعم احتياطاته النقدية وتعزيز معدلات النمو.
ويرى خبراء الاقتصاد أن دخول قطر بهذا الحجم من الاستثمارات يمثل شهادة ثقة قوية في قدرة الاقتصاد المصري على التعافي والاستقرار، خاصة في ظل الإصلاحات المالية والنقدية التي شهدتها البلاد خلال العامين الماضيين.
تحفيز سوق العقارات والسياحة الفاخرة
من المتوقع أن تُحدث الصفقة نقلة نوعية في سوق العقارات السياحية في مصر، خاصة في الساحل الشمالي الذي أصبح وجهة عالمية للاستثمار الفندقي والسكن الفاخر.
وتشير التقديرات إلى أن حجم الطلب على الوحدات العقارية في المنطقة سيزداد بنسبة تتراوح بين 20 و30% خلال السنوات الثلاث المقبلة، نتيجة دخول استثمارات جديدة وتوسع البنية التحتية والخدمات المرافقة.
شراكات استراتيجية وتنافس إقليمي
الصفقة القطرية لا تمثل فقط ضخ أموال جديدة في السوق، بل تعكس توجهًا استراتيجيًا نحو تحويل الساحل الشمالي إلى مركز إقليمي للسياحة والاستثمار العقاري الفاخر، ما قد يدفع مستثمرين من الخليج وأوروبا إلى الدخول في شراكات مماثلة.
وتشير مصادر مصرفية إلى أن الجانب القطري قد يتعاون مع مستثمرين مصريين وبنوك محلية لتطوير مشروعات ضخمة تشمل منتجعات، فنادق عالمية، ومناطق ترفيهية متكاملة.
انعكاسات اقتصادية بعيدة المدى
من المتوقع أن تساهم الصفقة في:
خلق آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة في قطاعي البناء والسياحة.
زيادة تدفقات النقد الأجنبي إلى السوق المصري.
رفع قيمة الأراضي والعقارات في المناطق المحيطة بالساحل الشمالي بنسبة قد تصل إلى 40%.
تحفيز الاستثمار المحلي بعد تحسن مؤشرات الثقة في السوق.
رسالة للعالم: مصر وجهة آمنة للاستثمار
تعد الصفقة بمثابة إشارة قوية للأسواق الدولية بأن مصر ما زالت وجهة آمنة وجاذبة للاستثمار في ظل استقرارها السياسي وموقعها الجغرافي المتميز.
ويُتوقع أن تكون هذه الخطوة بداية موجة جديدة من الاستثمارات الخليجية، خاصة من السعودية والإمارات والكويت، التي تتابع التطورات في السوق المصري عن قرب.
اتفاقية ب30 مليار دولار
وقعت شركة الديار القطرية اتفاقًا مع هيئة المجتمعات العمرانية بقيمة 29.7 مليار دولار لتطوير منطقة “علم الروم” على ساحل البحر المتوسط في مصر.
ويشمل الاتفاق 3.5 مليار دولار ثمن الأرض و26.5 مليار دولار استثمارات عينية لبناء المشروع.
ويمتد المشروع على مساحة 4,900 فدان وبواجهة ساحلية بطول 7.2 كيلومتر، ما يجعله واحدًا من أكبر مشروعات التطوير الساحلي التي تشهدها المنطقة في السنوات الأخيرة.
من المتوقع، أن يحقق المشروع إيرادات سنوية لا تقل عن 1.8 مليار دولار عقب تشغيله، بينما سيتم تخصيص 15% من صافي أرباح المشروع لصالح هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، في إطار نموذج الشراكة القائم على تبادل المنافع وضمان عائد مستدام للدولة.
وكان الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أكد قبل أيام أنه تم الاتفاق مع الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية بدولة قطر، على بدء تفعيل حزمة الاستثمارات القطرية في مصر خلال الأيام القليلة المقبلة.
وأوضح مدبولي أن هذه الخطوة تأتي ترجمةً مباشرة للتفاهمات التي جرت بين الرئيس عبد الفتاح السيسي وسمو الأمير تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، بشأن تعزيز الاستثمارات القطرية في السوق المصرية ودعم مسيرة التعاون الاقتصادي بين البلدين.
وأشار رئيس الوزراء إلى أنه سيتم خلال الفترة القريبة القادمة توقيع عقد شراكة استثمارية مصرية قطرية كبرى لتنمية مشروع ضخم في منطقة “سملا وعلم الروم” بمحافظة مطروح، مؤكدًا أن هذا المشروع يمثل نموذجًا جديدًا للتعاون الاستثماري العربي المشترك الذي يستهدف تحقيق التنمية المستدامة وتوفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة للمواطنين.
وأضاف مدبولي، في بيان صادر عقب لقائه نظيره القطري على هامش القمة الأولى لقادة التحالف العالمي لمكافحة الجوع والفقر بالعاصمة الدوحة، أن اللقاء شهد تأكيدًا متبادلًا على أهمية الإسراع في تنفيذ الاتفاقيات الاستثمارية بين الجانبين، مشيرًا إلى أن التنسيق بين القاهرة والدوحة يتم على أعلى المستويات لضمان تحويل هذه الاتفاقيات إلى مشروعات فعلية على أرض الواقع، بدءًا من المناطق الساحلية الواعدة في مطروح.
وأكد رئيس الوزراء أن الحكومة المصرية ترحب بالاستثمارات القطرية في مختلف القطاعات، بما يسهم في دعم الاقتصاد الوطني وجذب المزيد من الاستثمارات العربية والأجنبية، مشددًا على أن العلاقات المصرية القطرية تشهد مرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي والشراكة الاقتصادية الشاملة.
وتتبع شركة الديار القطرية صندوق الثروة السيادي القطري (Qatar Investment Authority). تعمل الشركة في عدة دول حول العالم وتشتهر بمشاريع ضخمة ومتكاملة تجمع بين السكن والتجارة والترفيه والبنية التحتية.
في مصر، بدأت الشركة وجودها منذ سنوات، مستفيدة من الموقع الجغرافي المميز للبلاد والسياسات التشجيعية للمستثمرين الأجانب، وتقدّم نفسها كشريك استراتيجي للتنمية العقارية والاقتصادية.
حضور الديار القطرية في السوق المصري
– أحد أبرز مشاريعها في مصر هو مشروع CityGate New Cairo في القاهرة الجديدة. في فبراير 2023 أطلقت الشركة مرحلة جديدة من هذا المشروع باستثمارات حوالي 1.75 مليار جنيه مصري (حوالي $57 مليون) لإنشاء تقريبًا 422 وحدة سكنية في مساحة 357,125 م².
– كما تستثمر Qatari Diar في قطاع الضيافة، مثل مشروع St. Regis Cairo Hotel الواقع على كورنيش النيل في القاهرة، والذي يُعد من المشاريع الفندقية الراقية التي تحقّق وظائف وفرصًا للسياحة.
– في قطاع العقارات والسياحة الساحلية، هناك حديث عن مشاريع تستهدف الساحل الشمالي للبحر المتوسط، واستثمارات قطرية موسّعة في مصر ضمن حزمة استثمارية مشتركة بين مصر وقطر.
مزايا مشروعات الديار القطرية
حجم الأراضي والمشاريع الضخمة: مشاريع مساحتها ملايين الأمتار المربعة، تستهدف فئات سكنية وتجارية وسياحية.
معايير دولية: في مشاريع مثل CityGate، أكدت الشركة أنها تسعى لتطبيق معايير عالمية في البناء والتخطيط والمرافق.
فرص التشغيل والتنمية: تشير الشركة إلى أن مشاريعها تخلق آلاف الوظائف في مراحل الإنشاء والتشغيل، ما يدعم الاقتصاد المحلي.
ارتباط استراتيجي: تدخل الشركة ضمن خطة مصر لجذب استثمارات خليجية وعربية لتحقيق التنمية، ما يمنحها طابعًا استراتيجيًا وليس مجرد استثمار عقاري تقليدي.

