شهدت كلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان أزمة متصاعدة منذ بداية العام الدراسي الحالي، بعدما واجه الطلاب معاملة اعتبروها “غير لائقة وغير منصفة”، إثر تحميلهم مسؤولية زيادة الأعداد المقبولة هذا العام، وهو قرار إداري بحت لا علاقة لهم به.
وأكد عدد من طلاب الكلية أنهم تعرضوا لعبارات مسيئة من بعض أعضاء هيئة التدريس والإداريين مثل: “حولوا، امشوا، مفيش مكان ليكم”، معتبرين أن هذا يعكس خللًا في إدارة الملف، ويضر بمناخ الإبداع والاحترام داخل واحدة من أعرق الكليات الفنية في مصر.
فوضى تنظيمية تربك الدراسة
أوضح الطلاب أن الفوضى الإدارية تفاقمت خلال الأسبوع الأول من الدراسة، إذ تم إلغاء بعض المحاضرات بعد موعدها، والإعلان عن أخرى قبل نصف ساعة فقط من بدئها، ما جعل من المستحيل على عدد كبير من الطلاب الالتزام بالحضور.
وأشاروا إلى أن هذه الفوضى تؤثر سلبًا على العملية التعليمية في كلية تعتمد على الورش التطبيقية والأتيليهات كمكون أساسي للتعليم الفني.
قرار النقل المفاجئ إلى حلوان يشعل الأزمة
الأزمة تفجرت بشكل أكبر عقب إخطار الطلاب عبر مجموعات “واتساب” بضرورة حضور المحاضرات في مقر الكلية بحلوان بدلًا من الزمالك، وهو القرار الذي وصفه الطلاب بـ”غير المنطقي وغير الإنساني”، إذ يعني التنقل يوميًا مسافة تستغرق من 4 إلى 5 ساعات ذهابًا وإيابًا، وسط بنية تحتية غير مهيأة لاستيعاب الأعداد الحالية.
وقال الطلاب إن مبنى حلوان غير مجهز بالقاعات والأتيليهات الكافية، مؤكدين أن القرار يهدد العملية التعليمية برمتها.
غياب العدالة وحرمان من البدائل
يرى طلاب كلية الفنون الجميلة أن القرار جاء في توقيت خاطئ، بعد بدء الدراسة وإغلاق باب التحويلات الجامعية، ما حرمهم من الالتحاق بجامعات أخرى تناسب مجموعهم أو نطاقهم الجغرافي، وكذلك من خصومات التفوق أو فرص التقديم المبكر في الجامعات الخاصة والأهلية.
وأكدوا أن ذلك يخالف مبدأ تكافؤ الفرص في التعليم الجامعي، وأن من غير المقبول تحميل الطلاب أخطاء القرارات الإدارية.
مخاوف من أهداف خفية
عبّر عدد من الطلاب وأولياء الأمور عن شكوكهم في أن الهدف الحقيقي من قرار النقل هو الضغط على الطلاب للتحويل من الكلية بحجة كثرة العدد، أو إجبارهم على الالتحاق بنظام “الكريديت” مرتفع المصروفات الذي تتجاوز تكلفته 80 ألف جنيه سنويًا.
كما تخوّف البعض من وجود نية لاستغلال مبنى الزمالك التاريخي في أغراض أخرى، ما أثار غضبًا واسعًا بين الطلاب.
مسؤولية الجامعة والوزارة
شدّد الطلاب على أن أزمة الأعداد الزائدة مسؤولية إدارة الكلية والجامعة ووزارة التعليم العالي، وليس الطلاب، مطالبين بتدخل عاجل من الجهات المختصة لحماية حقوقهم وضمان بيئة تعليمية مناسبة تليق بتاريخ الكلية ودورها الفني والثقافي.
مقترحات طلابية للحل
قدّم الطلاب عددًا من المقترحات لحل الأزمة، من بينها:
-
استغلال مباني جامعة حلوان القريبة في منطقة الزمالك، مثل مبنى كلية التربية الفنية المجهز بالورش والأتيليهات.
-
تطبيق نظام التعليم الهجين (أونلاين وحضور جزئي) لتقليل الكثافة.
-
تقسيم الطلاب إلى مجموعات صغيرة لضمان جودة التدريب العملي.
دعوة لتدخل عاجل
واختتم الطلاب وأولياء أمورهم بيانهم بمطالبة وزير التعليم العالي بالتدخل لإلغاء أو تجميد قرار النقل هذا العام، وفتح حوار حقيقي مع ممثلي الطلاب قبل تنسيق العام القادم، مؤكدين:
“نرفض أن يكون الطلاب هم الضحية الوحيدة.. نطالب ببيئة تعليمية تحترم حقوقنا وتحافظ على مكانة كلية الفنون الجميلة كمنارة للإبداع في مصر “.
جامعة حلوان ترد
جامعة حلوان حسمت الجدل بتوضيح رسمي من رئيسها الدكتور السيد قنديل، الذي أكد أن ما يُثار حول نقل الكلية بالكامل إلى حلوان «غير صحيح على الإطلاق».
وأوضح رئيس الجامعة أن القرار لا يشمل نقل المقر الرئيسي للكلية، بل يتعلق فقط بطلاب الفرقة الأولى المقبولين حديثًا، نتيجة زيادة غير مسبوقة في أعداد الطلاب المقبولين هذا العام.
وأضاف في بيان صحفي أن الكلية استقبلت نحو 900 طالب من تنسيق الجامعات، ثم فوجئت بوصول 600 طالب إضافي بعد مرحلة تقليل الاغتراب، ما جعل إجمالي العدد يتجاوز الطاقة الاستيعابية لمبنى الكلية في الزمالك.
وأشار الدكتور قنديل إلى أن هذا الوضع فرض على الجامعة اتخاذ إجراء مؤقت لضمان حق جميع الطلاب في الدراسة، دون حرمان أحد من مقعده، موضحًا أنه تم تخصيص أحد مباني الجامعة في حلوان لطلاب الفرقة الأولى فقط، بينما تستمر باقي الفرق الدراسية في مقر الكلية الأصلي بالزمالك كما هو معتاد.
وأكد رئيس جامعة حلوان أن الهدف من هذا القرار هو الحفاظ على انسيابية العملية التعليمية، وتوفير بيئة دراسية مناسبة للطلاب الجدد، وليس بأي حال من الأحوال نقل الكلية من مكانها التاريخي أو المساس بتراثها الأكاديمي والفني.
وشدد على أن جامعة حلوان تحرص على دعم كلية الفنون الجميلة وتطويرها بما يتناسب مع مكانتها، لافتًا إلى أن أي قرارات تخص الكلية يتم دراستها بعناية شديدة، وبما يحقق مصلحة الطلاب أولًا.