مع الأنباء المتواترة عن غرق مساحات واسعة من الأراضي السودانية بسبب الفيضانات الناتجة عن الفتح المفاجئ لخزانات سد النهضة الإثيوبي، ازدادت المخاوف في مصر من احتمال تكرار نفس السيناريو وغرق مناطق متاخمة لنهر النيل.
وخلال اليومين الماضيين، انتشرت تكهنات حول إمكانية إعلان حالة الطوارئ في مصر إذا ارتفع منسوب النيل بشكل مفاجئ، خاصة مع ضخامة كميات المياه المتدفقة من الهضبة الإثيوبية، بحسب تقديرات إعلامية.
خبراء: لا خطر على مصر بفضل السد العالي
أكد الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، أن الأزمة الحالية التي دفعت السودان إلى إعلان حالة “الإنذار الأحمر” في بعض الولايات بعد تجاوز منسوب المياه 17 مترًا، لن تمس مصر بأي ضرر.
وأوضح أن السد العالي في أسوان يمثل خط الدفاع الرئيسي ضد أي ارتفاع مفاجئ في مناسيب المياه، حيث يستطيع استيعاب تدفقات تصل إلى مليار متر مكعب يوميًا. وأشار إلى وجود مجاري مائية وخطط طوارئ جاهزة تضمن بقاء القرى والمدن والبنية التحتية آمنة.
السد العالي.. صمام أمان لمصر
أضاف شراقي وفقاً لسكاي نيوز عربية، أن السد العالي لا يقتصر دوره على مواجهة الفيضانات فحسب، بل يوفر عنصر أمان ضد نقص المياه أيضًا، مشددًا على أنه “لولا السد العالي لتوقفت نصف الأنشطة الزراعية في مصر”.
كما قارن بين السد العالي وسد النهضة، مشيرًا إلى أن الأخير حجز نحو 100 مليار متر مكعب من المياه داخل إثيوبيا، ومع ذلك لم تستفد منه البلاد بالشكل الكافي، حيث ما تزال الخدمات في مستوياتها الدنيا.
انتقادات لإثيوبيا: فيضان «صناعي»
من جانبه، قال الدكتور إبراهيم دعبس، أستاذ الموارد المائية والري المساعد بجامعة المنصورة، إن إثيوبيا خدعت السودان بادعاء أن سد النهضة سيحميها من الفيضانات، لكن الخرطوم اكتشفت العكس عندما فتحت أديس أبابا الخزانات بشكل مفاجئ.
وأوضح أن ما جرى هو فيضان «صناعي» وليس طبيعيًا، إذ جاء في غير موعده المعتاد، وهو ما جعل السودان عاجزًا عن الاستعداد له.
خلل في تشغيل سد النهضة
انتقد دعبس تعجل إثيوبيا في ملء بحيرة سد النهضة بكامل سعتها (75 مليار متر مكعب) رغم أن الأعمال الإنشائية لم تكتمل بعد. ولفت إلى أنه لم يتم تركيب سوى 8 توربينات من أصل 13، ولا يعمل منها سوى 5 فقط وبطاقة غير كاملة، بالإضافة إلى تأخر إنشاء محطات الكهرباء وخطوط النقل والتوزيع.
وأضاف أن الاكتفاء بملء 50 مليار متر مكعب كان سيكفي لتشغيل التوربينات، لكن الإصرار على تجاوز السعة خلق أزمة، لأن أديس أبابا ستكون مضطرة لتصريف الفائض لاحقًا.
هل تتأثر مصر؟
رغم امتلاء بحيرة السد العالي خلال السنوات الخمس الماضية، يؤكد دعبس أن مصر في مأمن من خطر الغرق، لسببين رئيسيين:
-
وجود السد العالي كصمام أمان.
-
وجود خطط طوارئ مستمرة لمواجهة أي تغيرات في تدفقات المياه.
واعتبر أن وجود كميات ضخمة من المياه في سد النهضة قد يصب في مصلحة مصر مستقبلًا، إذ ستتدفق باتجاه القاهرة والسودان مع بدء تشغيل التوربينات بكامل طاقتها، مؤكدًا أن “مصر لن تواجه سيناريو السودان”.