في الوقت الذي يعتبر فيه القطاع العقاري من أهم القطاعات الحيوية في مصر، وخاصة أن صناعة الاستثمار العقاري إحدى الصناعات الضخمة التي ترتبط بها أكثر من 100 صناعة تابعة لها، وتساهم في تشغيل المصانع المصرية لتوفير مكونات التنفيذ للمشروعات المختلفة، وهو ما يعكس أهمية وحجم القطاع العقاري وارتباطه باستمرار عمل القطاعات الأخرى، أجمع خبراء القطاع العقاري على ارتفاع أسعار العقارات في مصر خلال الربع الأول من العام المقبل 2026.
خبراء يؤكدون استمرار ارتفاع أسعار العقارات.. وآخرون يقدمون روشتة اقتصادية للنهوض بقطاع العقارات
مطورون عقاريون يتوقعون زيادة 15% إلى 32% في أسعار العقارات مطلع 2026
خفض فائدة التمويل العقاري ضرورة لإنعاش السوق المصري
من جانبه أكد المهندس رشاد الصاوي عضو غرفة الاستثمار العقاري باتحاد الغرف التجارية إنه من المتوقع ارتفاع أسعار العقارات في مصر بشكل كبير خلال عام 2026 بنسبة تصل إلى 32% في الربع الأول، وذلك بسبب زيادة تكاليف البناء، والتقلبات الاقتصادية العالمية الراهنة، حيث ارتفعت تكاليف البناء بشكل كبير، بما في ذلك مواد البناء، مما ضغط على الشركات العقارية ورفع أسعار الوحدات، كما أثرت تقلبات أسعار العملات على تكاليف الإنشاءات، مما أدى إلى زيادة الضغط على الشركات العقارية.
وأوضح الصاوي ان ارتفاع أسعار الفائدة يمثل تحديًا للشركات العقارية التي تعتمد على التمويل البنكي، مما زاد من تكلفة الوحدات العقارية، ولا يزال الطلب الحقيقي على العقارات يفوق المعروض بسبب الزيادة السكانية والرغبة الاستثمارية، إلى جانب الطلب الخارجي المتنامي.
وقال المهندس عمرو خليل عضو غرفة التطوير العقارى باتحاد الصناعات، إنه يتوقع استقرارًا نسبيًا في السوق خلال عام 2026، مدعومًا باستمرار الطلب، ولكن مع زيادات طفيفة، مشيرا إلى أن السياسات النقدية والمالية قد تؤثر على اتجاهات السوق، في حين أن بعض المناطق قد تشهد ارتفاعات طفيفة في الأسعار، بينما قد تسجل مناطق أخرى انخفاضات طفيفة.
وأكد خليل على ضرورة تفعيل برامج تمويل عقاري منخفضة الفائدة لزيادة قدرة العملاء على الشراء، مما يساهم في استقرار السوق وزيادة الطلب على العقارات.
وأوضح خليل أن سوق العقارات شهد خلال عام 2025 زيادات في الأسعار تراوحت بين 56% و75%، نتيجة لرفع أسعار الفائدة ومواد البناء والتقلبات الاقتصادية العالمية.
أحمد صبور: السوق العقارية المصرية ستشهد طلبا قويا
وفي هذا الصدد، قال رئيس مجلس إدارة شركة “الأهلي صبور للتنمية”، المهندس أحمد صبور، إن السوق العقارية المصرية ستشهد طلبا قويا نتيجة ثقة العملاء في العقار المصري، مع إمكانية أن تكون الزيادة المقبلة المتوقعة في أسعار العقارات بنسبة أكبر فى مناطق مثل الساحل الشمالى والقاهرة الجديدة.
وتوقع المهندس طارق شكرى، رئيس غرفة التطوير العقارى باتحاد الصناعات، ووكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب، أن ترتفع أسعار العقارات بنسبة 15% خلال الربع الأول من عام 2026.
وأوضحت البيانات الرسمية اتساعا مُقلقا في الفجوة بين أسعار الوحدات السكنية والقدرة الشرائية للمواطن المصري، وسجلت بعض المناطق زيادات طفيفة في الأسعار، أبرزها العاصمة الإدارية الجديدة التي ارتفع فيها سعر المتر بنسبة 5.7%.
وأوضح أحمد إدريس، الخبير العقاري أن أسعار العقارات في مصر مرشحة لمزيد من الارتفاع نتيجة زيادة معدلات التضخم وارتفاع أسعار الخامات والطاقة والعمالة، إلى جانب الرسوم.
وفي السياق ذاته، ارتفع مؤشر قطاع العقارات بالبورصة اليوم بنسبة 0.97% عند الإغلاق، وكانت نقطة البداية عند 3594 نقطة، وبلغت أعلى قيمة للمؤشر 3643 نقطة.
وعن توقعاته لأسعار العقارات في التجمع الخامس والقاهرة الجديدة:
سعر المتر التجاري بدأ في 2023\2024 من (160,000 جنيه مصري)، وفي 2024\2025 يبدأ 223,000 جنيه ).
ومن المتوقع أن تستمر أسعار العقارات في الارتفاع، ولكن بوتيرة أبطأ مقارنة بالسنوات السابقة، حيث يُتوقع زيادات تتراوح بين 15% و32% خلال الربع الأول من عام 2026، ويعتمد استمرار هذا الارتفاع على عوامل متعددة، أبرزها تكاليف البناء المرتفعة، والطلب القوي المستمر، وتقلبات أسعار الصرف، وسياسات أسعار الفائدة، ويعتبر العقار ملاذاً آمناً للاستثمار، خاصة مع التقلبات الاقتصادية، مما يغذي الطلب المستمر على الوحدات السكنية، ويتوقع الخبراء أن تكون هناك مرحلة من التباطؤ النسبي في السوق العقاري خلال عام 2026، ويشهد الطلب ازديادًا في مناطق معينة مثل غرب القاهرة والعاصمة الإدارية.
البستاني: الصكوك العقارية تقدم حلاً فعالًا لهذه الأزمة
وحول تأثير الصكوك العقارية على أسعار العقارات في المستقبل، أشار المهندس محمد البستاني رئيس جمعية المطورين العقاريين إلى أن السوق العقاري يشهد تنافسًا شديدًا حاليًا، وهو ما يجعل الأسعار ثابتة.
وأكد المهندس محمد البستاني، نائب رئيس شعبة الاستثمار العقاري، ورئيس جمعية المطورين العقاريين، أهمية الصكوك العقارية كأداة تمويلية حديثة تساهم في حل التحديات التي تواجه السوق العقاري المصري، وتوفر فرصًا كبيرة للمطورين والعملاء على حد سواء، موضحا أن السوق العقاري كان يعاني من فجوة تمويلية كبيرة بسبب التنافس الشديد بين الشركات العقارية، التي أصبحت تعتمد على فترات سداد طويلة الأجل تصل إلى 12 عامًا، مع دفع مقدمات بسيطة تتراوح بين 0% إلى 15%.
وأشار البستاني إلى أن هذه المعاملات تسببت في عجز تمويلي لدى المطورين، مما دفعهم للبحث عن حلول تمويلية بديلة، مثل الصكوك العقارية.
وأوضح أن الصكوك العقارية تقدم حلاً فعالًا لهذه الأزمة، فهي تتيح للمطورين الحصول على تمويل لتطوير مشروعاتهم دون الحاجة إلى تحمل عبء فوائد القروض البنكية أو الالتزامات المالية الثقيلة، كما أن التمويل عبر الصكوك يتميز بالتكلفة الثابتة التي يمكن خصمها من الضرائب، مما يسهم في تقليل المخاطر المالية على الشركات العقارية.
وأكد البستاني أن الصكوك العقارية تمنح العملاء الفرصة المناسبة للاستثمار في مشروعات عقارية بشكل مرن، بدلاً من شراء وحدة عقارية كاملة، يمكن للعملاء شراء صكوك بقيم منخفضة، مثل 50 ألف أو 100 ألف جنيه، مما يسهل عليهم الوصول إلى فرص استثمارية في القطاع العقاري، كما يمكنهم بيع أو تداول الصكوك بسهولة دون الحاجة إلى المرور بعمليات بيع وحدات عقارية معقدة.
تأثير الصكوك العقارية على أسعار العقارات
وحول تأثير الصكوك العقارية على أسعار العقارات في المستقبل، أشار البستاني إلى أن السوق العقاري يشهد تنافسًا شديدًا حاليًا، وهو ما يجعل الأسعار ثابتة في الوقت الحالي، ورغم ذلك، توقع أن تبدأ الأسعار في الارتفاع بداية من الربع الأول من عام 2026، إذا استمرت عوامل التنافس والتحفيز في السوق، مؤكدا أن الصكوك العقارية تمثل تطورًا كبيرًا في القطاع العقاري المصري، وتوفر بدائل تمويلية مرنة تساعد الشركات والمستثمرين على تحقيق النجاح في ظل التحديات الاقتصادية العالمية.
وبحسب دراسة حديثة للبنك المركزي المصري، فإن 68% من الأسر المصرية ترى أن أسعار الوحدات السكنية خارج نطاق قدراتها المالية، فيما انخفضت نسبة المنتمين للطبقة المتوسطة من 43% عام 2022 إلى 34% عام 2023، ويؤكد المهندس محمود جمال الدين عضو غرفة مواد البناء بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن الأزمة تتفاقم في ظل قفزة هائلة في أسعار العقارات، حيث ارتفع متوسط سعر المتر المربع في القاهرة الجديدة من 8,000 جنيه عام 2021 إلى 35,000 جنيه عام 2025، بينما زادت تكاليف البناء 85% خلال العامين الماضيين، وذلك في وقت لا يتجاوز متوسط نمو الأجور 18% سنويا مقابل تضخم بلغ 33.7%.
وأكد جمال الدين أن مد آجال السداد يمثل مخاطرة كبيرة للمطورين العقاريين، حيث يبطئ من دورة رأس المال ويحد من السيولة المتاحة للتوسع في مشروعات جديدة، لافتًا إلى أن الحل الأمثل يكمن في تفعيل برامج تمويل عقاري منخفضة الفائدة تُمكّن العملاء من الشراء دون تحميل المطور أعباء إضافية.
وأوضح جمال الدين أن السوق العقاري المصري يتمتع بقدرة قوية على النمو، مشيرًا إلى أن الطلب الحقيقي لا يزال يفوق المعروض في ظل الزيادة السكانية والرغبة الاستثمارية للمصريين، إلى جانب الطلب الخارجي المتنامي من العرب والمصريين بالخارج.
عمرو بدر الدين: وضع إطار تنظيمي للسوق يضمن حقوق المستثمر الصغير
ومن جانبه طالب المهندس عمرو بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شركة البدر للاستثمار العقاري، بوضع إطار تنظيمي للسوق يضمن حفظ حقوق المشتري أو المستثمر الصغير وجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية، خاصة بعد النمو الذى شهده القطاع العقاري فى السنوات الماضية والذى دفع بدوره نحو زيادة عدد الشركات العاملة بالسوق العقارية ووصولها الي أكثر من 15 ألف شركة .
وقال بدر الدين إن هناك 5 أطراف تشارك فى عملية التنمية العقارية وهم المستثمر الصغير، والمطور العقاري ، البنوك التجارية ، و شركات التمويل العقاري ، ثم شركات التأمين، مشيرا إلى أن المستثمر الصغير غرضه الحصول على وحدة سكنية بسعر مناسب وموقع ومساحة مميزين مع إمكانية سداد ثمن الوحدة على آجل طويل ، كما يرغب فى استلام الوحدة العقارية فى الوقت المحدد وبحالة هندسية مطابقة للمتفق عليه وأن يضمن أن مدخراته مع المطور العقاري في آمان.
وأوضح بدر الدين أن المطور العقاري يسعي إلى تنمية الأراضي التى يمتلكها وإنشاء مشروعات تسهم فى تحقيق الربح المستهدف وانهاء كافة الاجراءات الإدارية والقانونية اللازمة لتنفيذ المشروع، ثم البحث مجدداً عن أراضي وتدوير الأرباح فى مشروعات جديدة.
وبالنسبة للبنوك التجارية فإنها تسعى لمنح تمويل قصير الأجل أما شركات التمويل العقاري فهدفها منح تمويل طويل الأجل، ويتمثل دور شركات التأمين في المنظومة العقارية في بيع بوالص تأمين تضمن حق المستثمر الصغير.
واقترح بدر الدين وضع إطارا لتنظيم السوق يبدأ من عند إعلان المطور العقاري عن الوحدات السكنية المراد تسويقها، فعندما يتم البيع إلى المستثمر الصغير، يجب وضع مقدمات الحجز في حساب ضمان في أحد البنوك التجارية ولايُسمح للمطور الصرف من تلك الأموال إلا لسداد دفعات أرض المشروع وعلى الأعمال الإنشائية حسب البرنامج المتفق عليه، ولايُسمح بالصرف من تلك الأموال على مشروعات أخرى أو حتى إجراء دعاية للمشروع ذاته من تلك الأموال ، وتتم عملية الصرف تحت إشراف استشاري من البنك ذو سمعة وكفاءة و خبرة في مجال التطوير العقاري.
وأضاف بدر الدين أن هذه الأموال يجب أن توضع في حساب ضمان بفائدة تصرف إلى المطور العقاري في آخر عملية التنمية، وفي حالة تعثر المطور وعدم استكمال المشروع ترد للعميل ( المبالغ المدفوعة + الفوائد ).
وأشار المهندس عمرو بدر الدين إلى دور البنوك التجارية وشركات التمويل حيث تقوم الأولى بالإتفاق مع المطور العقاري على تمويل جزء من المشروع في استكمال البيع ، وعند الانتهاء من عملية التطوير واستلام الوحدة فعلي المشتري أما دفع المبلغ كاملا ” باقي الثمن ” أو تحويل الدفعة الأخيرة لشركات التمويل العقاري لتقوم بتقسيطها على مدة 15 إلى 20 سنة حسب قدرة المستثمر الصغير ، ثم يأتى دور شركات التأمين والتى تصدر بوليصة تأمين للمستثمر الصغير يحصل عليها مع استلام الوحدة.
وأوضح أن شركات التمويل العقاري يمكنها تنويع مصادرها التمويلية عبر طرح سندات استثمارية للمواطنين الراغبين في استثمار أموالهم بشكل آمن ومضمون، مشيرًا إلى أن هذا النظام معمول به في العديد من الدول المتقدمة، ويسهم في خفض تكلفة الفائدة على التمويل العقاري المقدم للعملاء.
وأوضح أن الوضع الحالي في السوق المصري يجعل شركات التمويل تعتمد على الاقتراض من البنوك، مما يضاعف العبء على العملاء بسبب الجمع بين الفائدة البنكية وفائدة التمويل العقاري، وهو ما أدى إلى إحجام عدد كبير من المواطنين عن الاستفادة من برامج التمويل العقاري رغم أهميتها في دعم الطلب الحقيقي بالسوق.
وشدد بدر الدين على حماية المستثمر الصغير التي تمثل الأساس الحقيقي للحفاظ على استقرار السوق العقاري وضمان استمرارية النمو في القطاع العقاري المصري.



