أزمات الجمعيات التعاونية للإسكان… شكاوى لا تتوقف وغياب للرقابة
رغم أن الجمعيات التعاونية للإسكان أُنشئت بهدف توفير وحدات سكنية بأسعار مناسبة لمحدودي ومتوسطي الدخل، فإن السنوات الأخيرة شهدت تصاعدًا ملحوظًا في المشكلات داخل بعض الجمعيات، من تأخّر المشروعات وتعطيل تسليم الوحدات، إلى اتهامات بالفساد الإداري وتضارب المصالح، ما جعل آلاف الأسر عالقة بين الوعود الورقية والواقع الجامد.
أولًا: ما هي الجمعيات التعاونية؟
هي كيانات غير هادفة للربح، تعتمد على اشتراكات الأعضاء لتجميع الأموال المخصصة لإنشاء وحدات سكنية، تحت إشراف “هيئة التعاونيات” التابعة لوزارة الإسكان.
لكن غياب الرقابة الفعّالة في حالات كثيرة جعلها بيئة خصبة للأخطاء الإدارية وربما التجاوزات.
ثانيًا: أبرز المشكلات التي يعاني منها الأعضاء
1. تأخر مشروعات الإسكان لسنوات طويلة
تُعد هذه الأزمة الأكثر انتشارًا، حيث دفع آلاف المواطنين مقدمات منذ أعوام طويلة دون أن يشاهدوا أي تنفيذ فعلي على الأرض. وتتحول المشروعات من “حجز” إلى “انتظار مفتوح”، ثم إلى “تعثر”، دون وجود جدول زمني واضح أو التزام تعاقدي حقيقي.
2. غياب الشفافية المالية
غموض في إدارة الموارد المالية.
عدم إعلان ميزانيات مفصلة أو مراجعة حسابية دورية.
عدم وضوح حجم التعاقدات والمصروفات وطرق صرف الاشتراكات.
3. تضارب المصالح داخل مجالس الإدارات
نشوب علاقات غير واضحة بين بعض أعضاء الإدارات والمقاولين.
إسناد أعمال بالأمر المباشر دون الرجوع للجمعية العمومية.
غياب آليات الرقابة الداخلية.
4. بيع مزدوج أو إعادة طرح وحدات محجوزة
شكاوى من بيع وحدات لأكثر من شخص.
أخطاء في التسجيل والترقيم والتخصيص.
ضعف المنظومة الإدارية للتوثيق.
5. قرارات فردية دون الرجوع للأعضاء
تغيير الأسعار وشروط السداد.
تعديل المواصفات الهندسية.
تغيير موقع المشروع أو مساحته دون اعتماد من الجمعية العمومية.
6. ضعف دور هيئة التعاونيات
تأخر في البتّ في الشكاوى.
اعتماد كبير على تقارير الجمعيات نفسها دون رقابة ميدانية صارمة.
عدم إلزام الجمعيات المتعثرة بخطط زمنية ملزمة.
7. صعوبة استرداد الأموال
إجراءات معقدة وبطيئة.
اشتراط “وجود بديل” قبل رد المبالغ.
عدم توافر سيولة مالية في بعض الجمعيات.
” عقار 24 ” يرصد تأثير قرار وقف تراخيص معارض السيارات على القطاع العقاري
ثالثًا: نموذج حي للأزمة… مشروع “بتروسيتي”
من أبرز النماذج التي تعكس واقع الأزمة الحالية، مشروع “بتروسيتي” الذي تم الإعلان عنه عبر جمعيتي إسكان العاملين: جمعية بدر الدين للبترول وجمعية بترول بلاعيم.
1. بداية المشروع… وعود كبيرة بلا تنفيذ
بدأ الإعلان عن المشروع منذ عام 2016.
مئات الأسر دفعت مقدمات كبيرة لحجز وحدات سكنية.
رغم مرور سنوات طويلة، لم يتم وضع “طوبة واحدة” في الموقع، بحسب شكاوى الحاجزين.
2. غياب المعلومات الرسمية
لا يوجد جدول زمني معلن للتنفيذ.
لم تصدر الجمعيتان بيانات واضحة حول سبب التعثر.
اجتماعات الجمعية العمومية غالبًا ما تنتهي دون قرارات ملزمة.
3. اتهامات من الأعضاء
وفق شكاوى عديدة:
عدم وضوح مصير الأموال المدفوعة.
تجاهل الرد على الاستفسارات.
تأخر شديد في التواصل وغياب الشفافية.
4. شكاوى وصلت لمجلس الوزراء والجهات العليا
عدد من الأسر تقدموا بشكاوى رسمية لمجلس الوزراء.
مطالبات بتدخل هيئة التعاونيات للتحقيق، لكن دون إجراءات حاسمة حتى الآن، وفقًا لرواية المتضرّرين.
5. 800 أسرة في انتظار الحل
تقديرات الحاجزين تشير إلى أن أكثر من 800 أسرة أصبحت عالقة بين دفع الأموال وعدم وجود مشروع فعلي، في مشهد يعكس أعمق أزمات منظومة الإسكان التعاوني في مصر.
رابعًا: كيف يتضرر المواطن؟
– تجميد مدخرات الأسر
الأسرة التي دفعت مقدمًا في 2016 تواجه اليوم أسعار عقارات تضاعفت عدة مرات، مما يجعل استرداد الأموال – في حال حدث – بلا فائدة حقيقية.
– غياب اليقين القانوني
غياب العقود الواضحة أو الالتزامات الزمنية يجعل موقف الحاجزين ضعيفًا في حال اللجوء للقضاء.
– ضغط نفسي واجتماعي
آلاف الأسر خططت لمستقبل سكني أصبح اليوم حلمًا بعيدًا.
خامسًا: مطالب المتضرّرين
1. تدخل حكومي مباشر في مشروعات التعاونيات المتعثرة.
2. مراجعة مالية شاملة للجمعيات.
3. إعلان جدول زمني واضح لمشروع “بتروسيتي” والمشروعات المشابهة.
4. محاسبة مجالس الإدارات المخالفة.
5. تمكين الحاجزين من الاطلاع على كل المستندات والعقود.
الحكومة تستعرض نسب تنفيذ 94 برجًا و4092 وحدة ضمن مشروع الوراق الجديد
سادسًا: ما الذي يجب أن يفعله العضو المتضرر؟
تجميع المستندات والإيصالات والعقود.
التقدم بشكاوى جماعية للجهات المختصة.
استخدام المسار القانوني (القضاء الإداري) في حال استمرار التعثر.
إنشاء لجان “تمثيلية” للأعضاء للتواصل الجماعي.
نموذج مكثف
مشروع “بتروسيتي” ليس حالة منفصلة، بل هو نموذج مكثّف لأزمة ممتدة داخل منظومة الجمعيات التعاونية، حيث تتقاطع المشكلات الإدارية والمالية والتنظيمية لتصنع معاناة إنسانية لمئات الأسر.
رابط مختصر انسخ:https://aqaar24.com/aqbx

