في السنوات الأخيرة، يشهد السوق العقاري المصري تحولًا جذريًا مع صعود شركات التسويق العقاري الرقمية المعتمدة على التكنولوجيا الحديثة، المعروفة عالميًا بمصطلح PropTech (Property Technology). هذه الشركات لا تكتفي بتقديم حلول رقمية للتسويق، بل تعيد تشكيل العلاقة بين المطورين العقاريين والمشترين، ما يثير تساؤلات حول مستقبل السمسار التقليدي ودوره في السوق.
من “السمسار” إلى “المنصة الرقمية”
في السابق، كان السمسار هو حلقة الوصل الأساسية بين البائع والمشتري، يعتمد على العلاقات الشخصية والميدانية. اليوم، حلت مكانه منصات إلكترونية تجمع آلاف العقارات في مكان واحد، وتتيح للمستخدم البحث، والمقارنة، وحتى حجز الوحدة أو سداد مقدم الحجز إلكترونيًا.
من أبرز الأمثلة على هذه التحولات، بروز منصات مثل عقارماب، شطب، التي تقدم خدمات تقييم الأسعار، وخريطة للمناطق، وإعلانات مدفوعة تتيح الوصول لملايين المستخدمين شهريًا.
PropTech.. ثورة في البيانات والتحليلات
يشير مصطلح PropTech إلى استخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في جميع مراحل التعامل مع العقار، من التسويق إلى الإدارة والتمويل.
توضح تقارير السوق أن مصر تشهد خلال الأعوام الأخيرة نموًا متسارعًا في هذا القطاع، حيث تجاوز عدد الشركات الناشئة العاملة في PropTech أكثر من 70 شركة تقدم حلولًا مختلفة مثل إدارة العقارات الذكية، التحليل السعري، والتسويق الرقمي.
ويرى خبراء أن هذا التوجه يسهم في رفع كفاءة السوق العقاري وتقليل فجوات التسعير، فضلًا عن زيادة الشفافية في عمليات البيع والشراء.
هل يختفي السمسار التقليدي؟
رغم الزخم الرقمي، لا يزال للسمسار التقليدي دور لا يمكن تجاهله، خاصة في المناطق الشعبية أو الصفقات التي تعتمد على العلاقات الشخصية.
لكن الاتجاه العام يشير إلى أن دوره سيتحول من “وسيط ميداني” إلى “مستشار عقاري رقمي”، أي أنه سيحتاج إلى تبني الأدوات الحديثة مثل التسويق الإلكتروني، وإدارة الحملات الإعلانية عبر الإنترنت، واستخدام بيانات السوق في اتخاذ القرار.
المطورون والمستثمرون أول المستفيدين
تكنولوجيا PropTech وفرت للمطورين وسيلة أكثر دقة لقياس الطلب الحقيقي وتحليل سلوك المشترين.
فبدلًا من الاعتماد على تقديرات عامة، أصبح بإمكان الشركات تحديد الفئات الأكثر بحثًا عن العقارات، وأنماط الشراء، والمناطق التي تشهد أكبر تفاعل.
كما سمحت هذه الأدوات بتقليل تكلفة التسويق وزيادة العائد على الاستثمار الإعلاني.
مصر على خريطة PropTech الإقليمية
تشير التقديرات إلى أن السوق العقاري المصري من أكبر أسواق المنطقة من حيث عدد المستخدمين الرقميين والفرص الاستثمارية في التكنولوجيا العقارية.
وتتجه بعض الشركات الناشئة المصرية إلى التوسع في أسواق الخليج وشمال إفريقيا بعد نجاحها محليًا، ما يعزز مكانة مصر كمركز إقليمي لتكنولوجيا العقارات.
التحول الرقمي ضرورة لا خيار
في ظل المنافسة المتزايدة وتغير سلوك المستهلكين، أصبح التحول الرقمي ضرورة لكل من المطورين، السماسرة، والمستثمرين.
ويرى الخبراء أن المستقبل سيكون لمن يجمع بين الخبرة الميدانية والرؤية الرقمية، أي من يتعامل مع السوق العقاري ليس فقط كأرض ومبنى، بل كمنظومة بيانات متكاملة.
خلاصة التقرير
تكنولوجيا PropTech ليست مجرد أداة تسويق، بل هي ثورة شاملة في إدارة الأصول العقارية.
السمسار الذي يتطور مع العصر سيبقى، أما من يتمسك بالأسلوب التقليدي فسيجد نفسه خارج السوق خلال سنوات قليلة.