قيمتها تتجاوز 46 مليار دولار..الأموال الساخنة خطر جديد يهدد استقرار الاقتصاد المصري
” عقار 24 ” يرصد مع الخبراء حلول عاجلة لإنقاذ اقتصادنا الوطني من خطر الأموال الساخنة على السوق المصري
خبراء الاقتصاد يضعون روشتة اقتصادية وضوابط جديدة للأموال الساخنة في مصر
يجب فرض الضرائب على أصحاب الأموال الساخنة
تشجيع الاستثمار المباشر ودعم الصناعة الوطنية وزيادة الصادرات الحل الأمثل لزيادة النقد الأجنبي
يبدو أن الاستثمار الأجنبي غير المباشر في مصر والذي يعرف بالأموال الساخنة قد أصبح خطرا حقيقيا يهدد استقرار الاقتصاد المحلي المصري، والذي تجاوز حجمه 46 مليار دولار، خاصة بعد تأكيد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، أن الاقتصاد المصري شهد خروج ما يزيد عن 20 مليار دولار من الأموال الساخنة عقب النزاع الروسي الأوكراني وتفاقم أزمات التضخم العالمية وارتفاع الفائدة على الدولار.
” عقار 24 ” يرصد مع الخبراء حلول عاجلة لإنقاذ اقتصادنا الوطني من خطر الأموال الساخنة وتأثيرها على اقتصاديات السوق المصري.
ما هي الأموال الساخنة؟ ولماذا تهدد الاقتصاد المصري؟
يقول الدكتور طه عبدالحي أستاذ التمويل والاستثمار بكلية التجارة، إن معظم المستثمرين في العديد من دول العالم يتجهون نحو تحقيق الربح السريع من خلال الاستثمار قصير الأجل وهو ما يعرف بالأموال الساخنة في الدول التي ترفع فيها معدلات الفائدة، وأيضا تنخفض قيمة عملتها بالمقارنة بالدولار الأمريكي للاستفادة من فروق أسعار الفائدة، وعند قيامهم بالسحب المفاجئ لأموالهم تحت أي ظروف سياسية أو أوبئة، يؤثر سلبيًا على الدول المستقبلة للأموال الساخنة، ويرفع عجز ميزان مدفوعاتها، ويعرقل عمل سياسة سعر الصرف الأجنبي فيها، وتعتبر مصر من أبرز تلك الدول التي تستقبل الأموال الساخنة وتستخدمها في تمويل مشروعاتها.
تقويض للسياسة النقدية وارتفاع في التضخم
ويؤكد عبدالحي أن الأموال الساخنة تعمل على تقليل فعالية سياسة سعر الصرف الأجنبي في مصر، مطالبا بضرورة اتخاذ تدابير لتقنين دخول وخروج الأموال الساخنة في مصر.
ويشير عبدالحي إلى خطورة اعتماد الحكومة على “الأموال الساخنة” لتمويل عجز ميزانيتها، كما أن التخارج السريع لتلك الأموال يفاقم من التقلبات المالية ومنها تخفيض قيمة الجنيه مقابل الدولار والتي يتبعها زيادة في التضخم، حيث أن “الأموال الساخنة” تمثل تدفقا لرؤوس الأموال من دولة إلى أخرى عبر شراء سندات وأوراق مالية وأذون خزانة عالية الفائدة لكسب أعلى ربح، وتتحرك بسرعة فائقة لأنها ليست مربوطة باستثمار طويل الأمد، ولا تساهم في التنمية الاقتصادية بالمقارنة بالاستثمار الأجنبي المباشر.
ويضيف أن فائدة الأموال الساخنة تقتصر فقط على توفير السيولة الدولارية مقابل عائد كبير تقدمه الحكومة عن طريق الفوائد العالية، وتقوم مصر باستقطاب “الأموال الساخنة” من أجل تمويل عجز ميزانيتها عبر إصدار الحكومة أذون الخزانة قصيرة الأجل التي ينجذب إلى شرائها المضاربون في الأسواق المالية من أجل فائدتها العالية وعدم وجود ضرائب أو ضوابط على تداولها أو خروجها من السوق، وتحتل مصر حاليًّا المرتبة الخامسة عالميًّا ضمن الدول صاحبة أعلى سعر للفائدة.
ويلجأ البنك المركزي إلى رفع سعر الفائدة ضمن سياسة التقييد النقدي، بهدف التحكم في معدلات التضخم المرتفعة عبر تقليل الإقبال على الشراء، لكن تجذب العوائد العالية المضاربين في أذون الخزانة وأدوات الدَّين الأخرى، ويتسبب خروجهم السريع في خفض قيمة العملة المحلية وزيادة التضخم، وبجانب سعر الفائدة العالي خاصة لأذون الخزانة، تنجذب الأموال الساخنة إلى الأسواق النامية مثل مصر، بسبب وجود إعفاءات ضريبية على الأرباح الرأسمالية مما يسهل خروجها من السوق.
ثغرات ضريبية تزيد الأزمة تعقيدًا
ويقول الدكتور محمد عبدالنعيم، أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة، إن قانون الضرائب رقم 199 لسنة 2020 يعفي غير المُقيم أو الأجنبي من الضريبة على الأرباح الرأسمالية التي يحققها في حال التصرف في أذون الخزانة، ولذلك يقوم المستثمرون الأجانب بشراء عطاءات أذون الخزانة بالجنيه المصري بآجال تتراوح مدتها بين ثلاثة شهور وسنة واحدة للاستفادة من أسعار الفائدة المرتفعة، ثم يقومون بعد ذلك ببيعها وتحويل عوائدها إلى العملة الأجنبية والتخارج من السوق المحلي.
ويشير عبدالنعيم إلى أن خروج الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة من السوق بدون ضوابط يؤدى إلى زيادة الطلب على النقد الأجنبي واحتياطاته، ويتبع ذلك تخفيض قيمة العملة المحلية وانهيار قوتها الشرائية، فترتفع معدلات التضخم، ونتيجة لأن تلك الأموال تبحث بشكل دائم عن الربح السريع، تعد مصدرًا غير مستقر لتدفقات العملات الأجنبية التي تهرب سريعًا من دون سابق إنذار في حال حدوث أي تقلبات إقليمية أو عالمية.
معيط: أكثر من 21 مليار دولار خرجت بسبب حرب أوكرانيا
ويوضح الدكتور محمد معيط، وزير المالية السابق، أن حوالي 15 مليار دولار غادرت مصر أثناء أزمة الأسواق الناشئة في عام 2018، وما يقرب من 20 مليار دولار عند تفشي جائحة “كوفيد-19” خلال عام 2020، كما تسبب الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022 في خروج 21.5 مليار دولار من قيمة الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة.
ورغم تصريح معيط بعد أزمة 2022 بأن الحكومة لم يعُد بإمكانها الاعتماد على المشتريات الأجنبية لأذون الخزانة لتمويل ميزانيتها، إلا أنها استمرت في تلك السياسة المالية مما يزيد من خطر تهديد “فقاعة الأموال الساخنة”.
شواهد عالمية.. دروس من الأرجنتين وشرق آسيا
وتوضح تجارب الدول الأخرى ومنها الأرجنتين وبلدان شرق آسيا التداعيات السلبية لاعتماد الاقتصاد على “الأموال الساخنة” وأهمية ضبط هذا النوع من التداول في سوق المال، حيث جعل الاعتماد على الأموال الساخنة في التسعينيات دولة الأرجنتين عرضة للصدمات الاقتصادية نتيجة لتذبذب تلك التدفقات، ولكنها غيرت إدارة ملف “الأموال الساخنة” بعد التدهور في مؤشراتها الاقتصادية عندما اتجه المركزي إلى الحد من تملك غير المقيمين للأذون قصيرة الأجل بعد وصول التضخم في 2023 إلى 100% وزيادة نسبة المواطنين الواقعين تحت خط الفقر إلى 40٪ من السكان.
ووضع البنك المركزي الأرجنتيني ضوابط تُحِد من وصول المستثمرين الأجانب إلى الأذون قصيرة الأجل، وقيدت بذلك الحكومة الأرجنتينية استخدام الأجانب لأدوات الدَّين لتحقيق أرباح سريعة والخروج من السوق، ما يؤثر بشكل سلبي في سعر العملة المحلية.
ويطالب عبدالنعيم الحكومة المصرية بفرض الضرائب على الأرباح الرأسمالية نتيجة التعامل بالعطاءات قصيرة الأجل والتي من أهم أدوات ضبط رؤوس الأموال المضاربة، كما يتحتم على الحكومة أيضًا وضع حوافز لتشجيع الاستثمارات المباشرة متوسطة وطويلة الأجل لعدم الاعتماد على “الأموال الساخنة” من أجل تمويل احتياجاتنا من العملة الصعبة، وتعظيم موارد النقد الأجنبي المستدامة عن طريق خلق بيئة استثمارية مشجعة للتصنيع والتصدير، يكون من شأنها جعل الاقتصاد أكثر استقرارًا وأقل عرضة للهزات الخارجية وفقاعات “الأموال الساخنة” والأزمات المالية المترتبة عليها.
ويؤكد البنك المركزي المصري أن الحفاظ على معدلات الفائدة المرتفعة يظل محورا أساسيا في سياسته النقدية، إذ ترى لجنة السياسة النقدية أن الإبقاء على أسعار العائد عند مستوياتها الحالية ضروري، وفق تقرير السياسة النقدية الفصلي للبنك.
ويتوقع الدكتور محمد فريد، أستاذ التمويل والاستثمار بكلية التجارة، أن تشهد المرحلة المقبلة اعتماد البنك المركزي على الاستثمارات الحقيقية، خاصة الخليجية القادمة من قطر والكويت والسعودية والإمارات، باعتبارها بديلا أفضل، لكنه استبعد خفضا كبيرا في الفائدة قريبا، في ظل ضعف الاستقرار الاقتصادي رغم تحسن بعض المؤشرات.
ديون خارجية متفاقمة.. وأعباء مستقبلية ثقيلة
ورفع البنك المركزي المصري توقعاته لقيمة خدمة الدين الخارجي في 2026 بنحو 1.34 مليار دولار، لتبلغ 25.97 مليار دولار، مقارنة بتقديرات سابقة عند 24.63 مليار دولار، وذلك في حين قفز الدين الخارجي لمصر إلى 156.7 مليار دولار بنهاية الربع الثالث من العام المالي مارس 2025، بزيادة 1.6 مليار دولار خلال 3 أشهر، ويتوقع صندوق النقد الدولي أن تصل الديون إلى 200 مليار دولار بحلول شهر يونيو 2030.
هل 46 مليار دولار مؤشر قوة؟
ويضيف فريد أن وجود 46 مليار دولار من الأموال الساخنة في مصر لا يُعد مؤشر قوة، بل يمثل عبئًا ثقيلًا على الاقتصاد، ولذلك لابد من وضع حلول عاجلة لإنقاذ اقتصادنا الوطني من خلال تشجيع الاستثمار المباشر، ودعم الصناعة الوطنية، وزيادة الصادرات باعتبارها مصادر مستدامة للنقد الأجنبي، لتقوية دعائم ومصادر النمو الاقتصادي الوطني.
روشتة «عقار 24» مع الخبراء لإنقاذ الاقتصاد المصري
أولًا: فرض الضرائب على الأموال الساخنة
تطبيق ضرائب على الأرباح الرأسمالية
وضع قواعد لضبط حركة الدخول والخروج
إلغاء الإعفاءات غير المبررة في التعامل مع أدوات الدين
ثانيًا: تعزيز الاستثمار المباشر
جذب رؤوس أموال طويلة الأجل
تشجيع الاستثمار الصناعي والزراعي والتكنولوجي
دعم الشراكات مع صناديق الاستثمار الخليجية
ثالثًا: دعم الصناعة الوطنية
رفع الطاقة الإنتاجية
إحلال الواردات
توسيع مجالات الإنتاج القابل للتصدير
رابعًا: زيادة الصادرات
التوسع في الأسواق الأفريقية والعربية.
دعم الصناعات كثيفة العمالة.
توفير حوافز للمصدرين وزيادة القدرة التنافسية.
رابط مختصر انسخ:https://aqaar24.com/85rp

