«عقار 24» يرصد مع الخبراء تأثير قرار الرقابة المالية بإلغاء تراخيص 258 شركة وجمعية على السوق العقاري
مهاب عبدالعزيز: بداية جديدة لعصر الحوكمة الرشيدة
ماجد عبدالقادر: إلغاء تراخيص شركات وجميعات للتمويل متناهي الصغر يجبر القطاع على تصحيح المسار ويزيد ثقة المستثمرين
20 مليار جنيه حجم تمويل المشروعات متناهية الصغر.. ويستحوذ على النصيب الأكبر من إجمالى التمويلات المالية
779 ألف مستفيد من نشاط تمويل المشروعات متناهية الصغر خلال الربع الثاني عام 2025
يشهد السوق العقاري المصري خلال الفترة الراهنة حالة من الجدل بسبب القرار المفاجئ الذي اتخذته هيئة الرقابة المالية المصرية بإلغاء تراخيص 258 جمعية ومؤسسة تمويل متناهي الصغر.
يقول الدكتور مهاب عبدالعزيز، أستاذ التمويل والاستثمار بكلية التجارة، إن القرار الذي أصدرته هيئة الرقابة المالية يعتبر بداية جديدة لعصر الحوكمة الرشيدة في الأسواق المالية والتمويل العقاري والتمويل غير المصرفي، مشيدا بالقرارات الأخيرة الصادرة من الهيئة العامة للرقابة المالية بخصوص إلغاء ترخيص بعض الكيانات والجمعيات العاملة فى التمويل متناهي الصغر، واصفاً إياها بالباقة التنظيمية المتكاملة والتي تهدف لدفع سوق التمويل بكافة قطاعاته نحو مستوى أعلى من الالتزام والامتثال لمعايير الحوكمة الرشيدة.
ويؤكد عبدالعزيز أنها ليست مجرد قرارات منفصلة، ولكنها متكاملة، وترسل أكثر من رسالة واضحة للعاملين بالقطاع، مفادها أن الاستمرارية ليست مرتبطة بحجم النشاط، بقدر ارتباطها بقدرة الكيان على الالتزام بالضوابط، ودرء مخاطر التمويل من خلال إدارة مخاطر فعّالة، ومنضبطة، وشفافة، كما أن تلك القرارات ليست موجهة لقطاع واحد بعينه، ولكنها رسالة شاملة لكل منظومة التمويل غير المصرفي.
ويوضح عبدالعزيز أن ضبط السوق وإعادة فرز الكيانات خطوة طبيعية في مرحلة نضج القطاع، كما أن الشركات التي لديها رغبة في استكمال المسيرة والمنافسة عليها توفير بنية تحتية قوية من الحوكمة مع مراجعة قنوات التوزيع وتشديد ضوابط منح التمويل.
ويقول الدكتور ماجد عبدالقادر، أستاذ التمويل والاستثمار بكلية التجارة، وخبير حوكمة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، إن قرار الهيئة العامة للرقابة المالية بإلغاء تراخيص تمويل المشروعات متناهية الصغر لـ 258 جمعية ومؤسسة أهلية جاء نتيجة عدم التزام هذه الكيانات بالضوابط القانونية المنظمة للنشاط، موضحًا أن تلك الجمعيات حصلت على تراخيص مزاولة النشاط دون أن تبدأ العمل فعليًا، وهو ما ظهر من خلال عدم إجراء أي استعلام ائتماني عبر شركة “آي سكور”، وعدم انضمامها إلى اتحاد التمويل المصري كما يفرضه القانون رقم 141 لسنة 2014، فضلا عن عدم سداد الاشتراكات المقررة للهيئة.
ويشير عبدالقادر إلى أن الجمعيات المخالفة لم تقدم أيضًا أي تقارير شهرية أو سنوية عن أعمالها، وهو ما يعد مخالفة واضحة للقانون والضوابط الرقابية، مشيرة إلى أنه بمجرد الحصول على الترخيص يجب مباشرة النشاط فورًا، إلا أن الجهات التمويلية مثل البنوك وجهاز تنمية المشروعات اكتشفت أن العديد من هذه الجمعيات لا تستوفي الشروط اللازمة للحصول على التسهيلات الائتمانية، نظرًا لعدم استكمالها معايير التشغيل القانونية.
ويؤكد عبدالقادر أن القرار لا يحمل أي آثار سلبية على السوق المالي المصرفي أو السوق العقاري، لأن الجمعيات التي تم إلغاء تراخيصها غير عاملة من الأساس ولم تقدم أي خدمات تمويلية، موضحا أن تلك الجمعيات لم تكن جزءًا من الدورة التمويلية الفعلية، ولم تضخ أي قروض أو تقدم خدمات للفئات المستهدفة منذ حصولها على التراخيص، مشيدا بخطوة الهيئة العامة للرقابة المالية التي تهدف إلى تنقية المنظومة ودعم الجمعيات العاملة بجدية وانتظام.
وقررت الهيئة العامة للرقابة المالية مؤخرا إلغاء ترخيص مزاولة نشاط تمويل المشروعات متناهية الصغر لجمعية رجال أعمال أسيوط، بخلاف شركات أخري هي ثقة للتمويل متناهي الصغر، إيزي كريديت، والشركة المصرية للتمويل متناهي الصغر “مكسب”.
وارتفع إجمالي مؤشرات تمويل المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر خلال الربع الثاني لعام 2025، ليصل إلى 24.79 مليار جنيه، مقابل 20.02 مليار جنيه خلال الربع الثاني عام 2024، وفقاً للهيئة العامة للرقابة المالية.
واستحوذ تمويل المشروعات متناهية الصغر على النصيب الأكبر من حجم التمويلات، ليسجل 20.3 مليار جنيه، مقابل 18.1 مليار جنيه خلال الربع الثاني عام 2024، وسجل عدد المستفيدين من نشاط تمويل المشروعات متناهية الصغر 779 ألف مستفيد خلال الربع الثاني عام 2025.
وكان مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية برئاسة الدكتور محمد فريد، أصدر القرار رقم 258 لسنة 2025 بإلغاء تراخيص تمويل المشروعات متناهية الصغر الصادرة لنحو 258 جمعية ومؤسسة أهلية من الفئة (ج)، بسبب التقاعس عن الالتزام بالقواعد المنظمة وضوابط ممارسة النشاط، وذلك بعد سلسلة مطولة من المتابعة والفحص أثبتت إخلال تلك الكيانات بمتطلبات الإطار التشريعي الحاكم لنشاط التمويل متناهي الصغر وفق القانون رقم 141 لسنة 2014 وتعديلاته بالقانون رقم 201 لسنة 2020.
ويأتي هذا القرار استكمالاً لنهج الهيئة في تعزيز استقرار الأنشطة المالية غير المصرفية وحماية حقوق المتعاملين وبناء سوق أكثر كفاءة وقدرة على دعم الفئات الأكثر احتياجاً، بما ينعكس إيجابا على جهود الدولة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ومن الجدير بالذكر أن سجل جمعيات ومؤسسات التمويل متناهي الصغر المرخصة من الهيئة العامة للرقابة المالية يضم حاليا 754 جمعية ومؤسسة أهلية، موزعة وفقاً لمحفظة التمويل الخاصة بكل منها، بواقع 23 جمعية ومؤسسة أهلية من الفئة (أ) التي يزيد حجم محافظها التمويلية عن 50 مليون جنيه، و33 جمعية ومؤسسة أهلية من الفئة (ب) التي يزيد حجم محافظها عن 10 ملايين جنيه إلى 50 مليون جنيه، و698 جمعية ومؤسسة أهلية من الفئة (ج) التي يبلغ حجم محافظها 10 ملايين جنيه أو أقل.
وأكد الدكتور محمد فريد أن الهيئة لم تلجأ إلى هذه الخطوة إلا بعد منح الجمعيات والمؤسسات المخالفة مساحة زمنية كافية لتصحيح أوضاعها واستيفاء متطلبات الترخيص، وبعد استنفاد جميع سبل التواصل والإنذار، إلا أن تلك الكيانات لم تُبدِ أي تجاوب، الأمر الذي استوجب التدخل حفاظا على استقرار القطاع وحقوق المتعاملين.
رابط مختصر انسخ:https://aqaar24.com/t45v

